مع استمرار تسجيل درجات الحرارة بمختلف ربوع المملكة مستويات قياسيّة، وعلى عتبة فترة “الصمايم” المعروفة لدى المغاربة بقساوة حراراتها، تزداد احتمالات التعرّض للإصابة بضربات الشمس، التي أصبح تسجيلها “أمرا عاديا” يجلبه الارتفاع المهول في درجات الحرارة سنة بعد سنة، وفق فعاليات صحية.
وذكّرت فعاليات صحية تحدثت بـ”المثال الحي” على خطورة هذه الضربات، المتمثل في تسجيل وفيّات كثيرة هذا الموسم في صفوف الحجاج بالأراضي المقدسة، مشددة على ضرورة التسلُح بحزمة من الاحتياطات للوقاية من هذا الخطر الذي يتربّص بالأطفال والمسنين والمصابين بأمراض مزمنة أكثر من غيرهم.
الطيب حمضي، باحث في السياسات والنظم الصحية، قال “إن الضربات الشمسية تحدث عندما يفقد جسم الإنسان القدرة على الاحتفاظ بحرارته؛ لأن هذا الجسم يشتغل في الظروف العادية بـ37 درجة، ويعمل على رفعها في حالة برود الطقس أو خفضها عند ارتفاع درجات الحرارة”.
وأضاف حمضي في تصريح أن “لجسم الإنسان مجموعة من الميكانيزمات التي يحارب بها ارتفاع درجات الحرارة”، مستدركا بأن “تعاقب موجات الحرّ بالليل والنهار، ولأيام متواصلة، قد يجعل أجسام بعض الفئات، على غرار المسنين والأطفال والمصابين بأمراض مزمنة، والمتعاطين لأدوية خاصة، عاجزة عن ذلك”.
وزاد الباحث في السياسات والنظم الصحية: “عجز أجسام هذه الفئات عن التأقلم مع درجات الحرارة المرتفعة يجعلها عُرضةُ لمشاكل في (انتظام) دقّات القلب، وانخفاض ضغط الدم، وعدم ضّخه إلى أنسجة جُملةٍ من الأعضاء؛ ضمنها القلب والمخ والكلى والجهاز الهضمي”، لافتا إلى أنه عند هذه المشاكل تظهر أعراض “الإرهاق والهذيان وضعف التركيز وجفاف الشفتين؛ بل قد تؤدي هذه الضربات بالمصاب إلى غيبوبة تفضي إلى الوفاة”.
ونصح حمضي عند ظهور أولى الأعراض سالفة الذكر على الشخص المصاب بـ”نقله من المكان مرتفع الحرارة إلى آخر بارد وبه ظل، ونزع ملابسه وتعويضها بملابسَ مبللّة، وتمكينه من كميّاتٍ كافية من الماء، إذا لم يكن قد دخل بعدُ في غيبوبة، ثمّ نقله على وجه السرعة إلى المستعجلات”.
محمد اعريوة، طبيب عام، استدعى للدلالة على خطورة التعرّض لضربات الشمس “مثالا حياً؛ هو تسجيل حالات وفيّات كثيرة في صفوف الحجاج خلال موسم الحج 1445 هجرية، نتيجة التعرّض لضربات الشمس ودرجات الحرارة القيّاسية التي شهدتها المملكة العربية السعودية”.
وقال اعريوة في تصريح إنه “بالنظر إلى الارتفاع المهول في درجات الحرارة، سنة بعد سنة، فقد أصبح تسجيل حالات الإصابة بضربات الشمس أمرا عاديا؛ وهو ما يتطلّب ضرورةً وبدون شك أن يحتاط المرء، وبالأخص خلال شهري يوليوز وغشت اللذين تُلامس درجات الحرارة خلالهما مستويّات قيّاسية، خاصة بالمدن الداخلية ومدن أطراف البلاد”.
وأكدّ المتحدث عينه ما ذهب إليه حمضي من كون “الأطفال والعجزة وذوي الأمراض المزمنة هم الفئات الأشد عرضةً للتعرّض لهذه الضربات”، ولذلك فهم ملزمون، حسب اعريوة، “باتخاذ احتياطات مضاعفة على غرار تقليل التحركات والبقاء في المنزل وتفادي الخروج في الأوقات التي تبلغ درجات الحرارة ذروتها، وشرُب كميّات كبيرة من الماء؛ لأنها تقي الجسم من الجفاف الذي يسبب أعراضأً تجعل الجسم في دائرة الخطر”.
ولفت الطبيب العام إلى أن “ساكنة البوادي، وخصوصا من الفلاّحين، مدعوة إلى الاستمرار في اتباع نظام العمل الذي درجت عليه منذ القدم، لتجنب آثار ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة، إذ يبتدئ العمل من الساعات الأولى للصباح، ويتوقف في منتصف النهار؛ بالنظر إلى استحضار الفلاّحين خطورة الاشتغال تحت أشّعة الشمس ما بعد هذه الفترة”.
وأثنى اعريوة في هذا السياق على امتثال وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لمبدأ “الوقاية خير من العلاج”؛ إذ تحرص على “نشر الملصقات والمطويات التحسيسية حول الموضوع في كافة المؤسسات الصحيّة، وتدعو من خلالها إلى اتخاذ الحيطة في هذه الأجواء المشبعة بالحرارة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر