مسقط - المغرب اليوم
عتبر منصة "عين" العمانية الجديدة أول منصة تفاعلية رقمية في السلطنة، تحظى بعدة مزايا تقنية لعرض البرامج الترفيهية المنوعة والمسلسلات بطريقة سلسلة جذابة للمتلقي، لكن ما يتطلع إليه المواطن العماني واقع إعلامي أكثر جرأة ومساحة للتعبير عن المجتمع وقضاياه.
وأطلقت وزارة الإعلام العمانية النسخة التجريبية من منصة “عين”، واعدة بـ”نقلة نوعية على صعيد الإعلام الرقمي، ومواكبة التوجه العالمي في صناعة منصات الإعلام الرقمية”، لتشكل المنصة اختبارا لرؤية القائمين على الإعلام العماني للتحول الرقمي.
وقالت وكالة الأنباء العمانية أن "عين" تُمثل أول منصة تفاعلية رقمية في السلطنة، حيث تسعى لدعم ونشر المحتوى الإلكتروني العُماني والعربي، ومدّ جسور التواصل بين تلفزيون وإذاعة سلطنة عُمان والجمهور في السلطنة وخارجها.
وتسعى وزارة الإعلام من خلال هذا الإطلاق التجريبي لتحقيق المشاركة المجتمعية عبر إطلاع الجمهور على المنصة لإبداء الرأي وطرح الملاحظات للعمل على تحسينها قبل التدشين الرسمي للمنصة.
وتبدو المنصة لافتة بصريا تحتوي على عناصر جذابة للمتلقي، لكن المحتوى الذي تبثه يعتمد بشكل أساسي على نتاجات وسائل الإعلام العمانية الرسمية بمختلف قنواتها، إضافة إلى مدونة مرئية تقنية متخصصة، تستعرض جديد التكنولوجيا، وتُقدّم شروحات لبعض المواقع الإلكترونية، وما يتعلق بالهواتف الذكية، وزاوية إعلامية نفذت بتقنية الواقع الافتراضي للترويج للمواقع المتنوعة في السلطنة والطبخ.
ولدى متابعة المنصة يلاحظ أنها تحظى بعدة مزايا تقنية، منها خاصية مشاهدة البث المباشر لجميع القنوات الإذاعية والتلفزيونية، إلى جانب ميزة الاستماع ومشاهدة ما تم بثه في مختلف القنوات خلال 48 ساعة عبر زاوية “لا يفوتك”.
والمنصة مختصة بالبرامج الترفيهية المنوعة والمسلسلات وأرشيف التلفزيون العماني، فيما تغيب القضايا السياسية والأخبار الداخلية أو الخارجية عنها.
ويقول متابعون إن المنصة تشكل قفزة نوعية على مستوى الشكل والتقنية بالنسبة إلى وسائل الإعلام العمانية الأخرى، واختزلت ما تقدمه القنوات العمانية في موقع واحد، حيث تقدّم كما كبيرا من المحتوى السمعي والمرئي يتضمن أكثر من عشرة آلاف مادة إعلامية لمختلف القنوات الإذاعية والتلفزيونية التابعة لوزارة الإعلام، محفوظة ومؤرشفة في المنصة وفق تسلسل مبسّط يقدم للمستخدم تجربة تصفح سهلة للوصول لأي مادة إعلامية يرغب فيها.
لكن في المقابل وعلى مستوى المضمون لم تقدم اختلافا جوهريا عما تنشره المنابر الإعلامية الرسمية في السلطنة، إذ يتطلب التحول الرقمي تطويرا في السرد القصصي والأفكار والمحتوى المقدم، وليس فقط إعادة إنتاج المحتوى بمظهر جذاب وتقنية حديثة.
ويرى هؤلاء أن هناك تجنبا واضحا من قبل القائمين على الإعلام العماني للتطرق إلى القضايا السياسية، في حين أن الاهتمام بالمحتوى السياسي هو مسألة مهمة للسلطنة لجذب المتلقي المحلي وتوفير المعلومة من مصدرها وليس من مصادر خارجية، وهو الاختبار الصعب لمدى قدرة المنصات العمانية على التعامل مع الملفات الشائكة، وكسر حاجز النهج التقليدي في التعتيم على القضايا المهمة.
ولم تشذ غالبية المؤسسات الإعلامية العربية عن هذه القاعدة، إذ غلب على مفهومها للتحول الرقمي الاهتمام بالصورة دون المحتوى، والبقاء في المساحة الآمنة من القضايا الحساسة.
وكثيرا ما واجه الإعلام العماني الرسمي انتقادات لغموض موقفه من قضايا تلقفتها الشبكات الاجتماعية.
وتعددت تجارب وسائل الإعلام التقليدية لمسايرة تطورات الإعلام الرقمي في السنوات الماضية، ووظفت مواقع إلكترونية ومؤسسات صحافية الإمكانيات التقنية التي تمتلكها لإنتاج مواد متنوعة عبر منصات مختلفة، غير أنها اصطدمت بأزمة ضعف المحتوى وعدم قدرته على مسايرة الحرية المتاحة في الفضاء الإلكتروني، وظلت أسيرة لتوجهات فوقية مهيمنة على سياستها التحريرية.
وتسير غالبية التجارب الإعلامية التي توسعت في إنتاج محتويات رقمية متباينة بقوة دفع اقتصادية عبر التمويلات التي تحصل عليها أو ما تحققه منصاتها من أرباح إعلانية، لكنها لا تحقق النجاح المرجو دائما.
وهناك مشكلة في عمان كما هي في عدة دول عربية لها علاقة بالقائمين على الإعلام، وهي انعكاس النظرة إلى الإعلام التقليدي على الإعلام الرقمي تجعل الكثير من المضامين متشابهة، في حين أن الجمهور الرقمي بحاجة للانفتاح على ثقافات ومحتويات متنوعة، وهو ما جعل الإعلام في مواجهة صعوبات على مستوى وصوله إلى الجمهور الذي يستهدفه إلكترونيا، بالرغم من أنه قد يكون أنتج بالفعل مواد تقترب من خصائص رواد منصات التواصل والشبكات الإلكترونية عموما.
ويتطلع العمانيون لواقع إعلامي أكثر جرأة ومساحة للتعبير عن المجتمع وقضاياه، وانتشرت الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات المسؤولة عن الإعلام في السلطنة إلى الأخذ بآراء المواطنين وتطبيقها على أرض الواقع.
وانتقد بعض العاملين في القطاع، السياسة المتبعة في المؤسسات الإعلامية وملخصها “ارحل غيرك ينتظر” التي أدت إلى هجرة عدد من الإعلاميين، وضعف الكوادر مما حال دون تطوير حقيقي لواقع الإعلام العماني.
المنصة مختصة بالبرامج الترفيهية المنوعة والمسلسلات وأرشيف التلفزيون العماني، فيما تغيب القضايا السياسية والأخبار الداخلية أو الخارجية عنها
وسلط العديد من الصحافيين والإعلاميين في عمان في الفترة الأخيرة الضوء على مشاكل الإعلام في بلادهم من خلال الندوات والنقاشات الصحافية، ورصدوا التحديات التي تعاني منها الصحافة الإلكترونية وما تواجهه من صعوبات مثل صعوبة الحصول على المعلومة من مصدرها الموثوق في الوقت المناسب، وصعوبة توفر الموارد المالية اللازمة لإدارة المشاريع الإعلامية وضمان استمراريتها، إضافة إلى قلة عدد العاملين فيها.
ويرى البعض الآخر أنه يحسب للإعلام العماني في الفترة الأخيرة الاهتمام بالتقنيات الرقمية، فقد بدأ القائمون على الإعلام يولون أهمية لهذه المسألة بتوفير التقنيات والأدوات اللازمة خصوصا لطلاب الإعلام، وأكد وزير الإعلام العُماني عبدالله بن ناصر الحراصي، أن نماذج الاتصال السائدة منذ العقود الأولى للقرن العشرين لم تعد تنجح كأطر تفسيرية لحالة الإعلام المعاصر، خاصة مع تعدد الوسائل والأطراف وتبادل الأدوار أحياناً كثيرة.
وأضاف أن هذا يعني أن واقع الإعلام المعاصر يستلزم دراسة الأدوات النظرية الأنجع لقراءته وتنظيمه إضافة إلى مناهج تعليمه وتدريبه.
وسبق أن دشَّنت الوزارة منصة إعلامية عبارة عن بوابة إلكترونية ضخمة، تتضمن روابط مرتبطة بالموقع لكل من وكالة الأنباء العمانية والصحف والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والإذاعات الخاصة، وانطلقت بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والفرنسية.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر