رغم اختلاف تحضيرات نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترمب، للمناظرة المرتقبة في فيلادلفيا، إلا أن كليهما يتفقان على أنها ستكون "لحظة حاسمة" لتشكيل صورتهما السياسية عند ملايين الناخبين المترددين قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر المقبل، وذلك بحسب ما نقلت "نيويورك تايمز" عن نحو 20 شخصاً مقرباً من المرشحين.
وأشارت الصحيفة إلى أن هاريس "تختبئ" منذ 5 أيام في أحد فنادق مدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا، حيث تُجري تدريبات مكثفة على المناظرة استعداداً لمواجهة الثلاثاء.
وجهّز فريق المرشحة الديمقراطية مسرحاً وإضاءة تُحاكي أجواء البث التلفزيوني، فيما ارتدى أحد المستشارين بدلة واسعة وربطة عنق طويلة، متقمصاً شخصية ترمب بأسلوب تمثيلي كامل على طريقة المخرج الأميركي الراحل لي ستراسبرج.
في المقابل، اعتمدت تحضيرات ترمب على أسلوب أكثر ارتجالية، إذ وصف فريقه هذه الجلسات التحضيرية بأنها "وقت السياسة" بدلاً من مجرد "التحضير لمناظرة"، وذلك بهدف تذكيره بسجله. ولم يؤدِ أحد دور هاريس. وفي بعض الأحيان، يجلس مساعدو ترمب على طاولة طويلة مقابلة له، ويتبادلون الأسئلة، وأحياناً أخرى يجلس بالقرب منهم.
وحتى الآن، عقد ترمب عدداً قليلاً من هذه الجلسات، وقطع إحداها في فندقه بمدينة لاس فيجاس، ليصعد إلى جناحه مع مستشاريه لمشاهدة خطاب هاريس في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري.
"إثارة غرائز ترمب"
في التقرير الذي نشرته السبت، ذكرت "نيويورك تايمز"، أن أولوية كامالا هاريس تتمثل في "إثارة غرائز ترمب الأكثر تدميراً للذات"، إضافة إلى تقديم نفسها بشكل هادئ يعكس صورة رئاسية.
من جانبها، قالت هيلاري كلينتون، وهي آخر امرأة واجهت ترمب في مناظرة، خلال مقابلة الخميس الماضي: "يجب ألا تُستفز، بل عليها استفزازه".
وأضافت: "عندما قلت إنه كان دمية روسية، تلعثم على المنصة. أعتقد أن هذا مثال على كيفية كشف حقيقة عنه تزعجه للغاية".
وفي جلسات ترمب التحضيرية للمناظرة، تولى النائب مات جيتس (من فلوريدا) طرح الأسئلة الصعبة عليه، بما في ذلك المواضيع غير المريحة مثل إداناته الجنائية، وفقاً لشخص مطلع على تلك الاجتماعات.
وساهمت تولسي جابارد، عضوة الكونجرس الديمقراطية السابقة التي هاجمت هاريس بشكل لافت في مناظرة أثناء الانتخابات التمهيدية عام 2019، في تحضير ترمب أيضاً، بحسب الصحيفة، إذ كانت قد أعلنت تأييدها له في وقت سابق هذا العام.
"ترمب السعيد"
يعي مستشارو دونالد ترمب، وفقاً للصحيفة، تماماً خطورة ظهوره بصورة عدوانية مفرطة، كما حدث في مناظرته الأولى "الكارثية" مع الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، عندما عانى الرئيس السابق من تعرق شديد وقطع حديث منافسه بشكل مستمر، بينما كان مصاباً بفيروس كورونا.
كما يخشى مستشارو الرئيس السابق من أن لا يستطيع منع نفسه من إظهار "ازدرائه العميق" لهاريس، أو من الظهور وكأنه يلقي محاضرة على خصمته.
وكان ترمب يحترم كلينتون لذكائها واجتهادها، لكنه يعتقد بوضوح أن هاريس تفتقر إلى الذكاء، حسبما نقلت "نيويورك تايمز" عن مستشارين وحلفاء للرئيس السابق.
وخلف الأبواب المغلقة، يستخدم ترمب عبارات معادية للنساء لوصف هاريس، وينشر شائعات عن علاقاتها الرومانسية السابقة، بما في ذلك علاقتها مع ويلي براون، عمدة سان فرانسيسكو السابق.
وشدد حلفاء ومستشارو الرئيس السابق عليه أن يتبنى شخصية "ترمب السعيد" خلال المناظرة، بدلاً من "ترمب العدواني المتنمر"، مع التركيز على تقديم حجج سياسية ضد هاريس، بحسب أحد الحلفاء المقربين.
لكن هذه الاستراتيجية تواجه مخاطر أيضاً، إذ حذّر أحد حلفاء المرشح الجمهوري من أن محاولته التصرف بشكل جيد قد تؤدي إلى المبالغة في تصحيح موقفه، ما قد يجعله يبدو "أقل حماساً".
ويتوقع فريق ترمب أيضاً أن يواجه أسئلة صعبة بشأن الإجهاض، المسألة التي تباينت مواقفه بشأنها في الأسابيع الأخيرة، ما جعله يبدو غير واضح، وفقاً للصحيفة.
وقالت "نيويورك تايمز"، إن فريق ترمب يسعى إلى هدف واضح في المناظرة، وهو دفع هاريس لتحمل مسؤولية شراكتها مع الرئيس جو بايدن "الذي لا يحظى بشعبية"، وتحمل المسؤولية عن الفترات التي شعر فيها الناخبون بعدم الرضا خلال رئاسته.
وركّز ترمب بشكل خاص على ما يعتقد أنه أخطاء إدارة بايدن المتمثلة في ارتفاع تكاليف المعيشة، والفوضى في جميع أنحاء العالم، خاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط، والسلامة العامة، والهجرة.
وقال جيسون ميلر، وهو أحد أبرز مستشاري ترمب، عند سؤاله عن استراتيجية الحملة في المناظرة: "لا يمكنك تجاوز الأمر عندما تكون المسؤول الوحيد عن الكابوس الاقتصادي وأزمة الحدود التي تعيشها بلادنا حالياً".
ويأمل مساعدو ترمب في أن يتمكن من إعادة خلق لحظة مشابهة لتلك الشهيرة التي قدمها رونالد ريجان في مناظرته عام 1980 أمام الرئيس جيمي كارتر، عندما سأل ريجان المشاهدين على شاشة التلفزيون عما إذا كانوا يشعرون بتحسن مقارنةً بالفترة التي سبقت تولي كارتر المنصب.
وفي المقابل، أوضحت هاريس كيف تخطط لمهاجمة ترمب. وعلى عكس بايدن، لم تركز بشكل كامل على تصوير الرئيس السابق كتهديد جوهري للديمقراطية الأميركية. بل حاولت تقليص أهميته من خلال تصويره كـ"شخصية قديمة ومستهلكة تكرر نفس الأساليب المملّة".
كما صورت مرشح الحزب الجمهوري كـ"غني يهتم فقط بمساعدة الأثرياء الآخرين"، وهي استراتيجية هجوم شعبوية تتلقى صدى إيجابياً لدى الناخبين في مجموعات التركيز.
"استراتيجية هيلاري الفاشلة"
مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس تخلّت أيضاً عن استراتيجية كلينتون "الفاشلة" في إدانة ترمب باعتباره "عنصرياً ومسيئاً للنساء".
ويعتقد مساعدو نائبة الرئيس الأميركي أن إخبار الناخبين بمدى سوء شخصية ترمب "مضيعة للوقت"، نظراً لصعوبة العثور على ناخب لا يمتلك بالفعل رأياً ثابتاً عنه، سواء كان إيجابياً أو سلبياً.
وبدلاً من ذلك، تسعى هاريس إلى التواصل مع شريحة صغيرة من الناخبين المترددين الذين يشعرون بالإحباط من الوضع الاقتصادي والقلق بشأن المستقبل، ويرغبون في معرفة ما سيفعله كل مرشح لتحسين حياتهم.
وتُدرك هاريس ومستشاروها أن المناظرة تُشكل فرصة حاسمة لتشكيل صورتها السياسية، وتحديد هويتها قبل أن يتمكن ترمب من فعل ذلك.
ورأت "نيويورك تايمز" أن هاريس تواجه تحدياً يتمثل في أن ترمب الذي ناظر بايدن في يونيو الماضي، خاض مناظرات مؤخراً أكثر منها، معتبرةً أن نائبة الرئيس يجب أن تتغلب على نقص الخبرة، مع توقع كيف سيكون الأمر عندما تقف على بُعد أقدام من شخص لم تقابله من قبل، لكنه هاجم سياساتها وماضيها السياسي وحتى هويتها العرقية.
وأشارت الصحيفة إلى استعداد هاريس لمواجهة هجمات تتعلق بعرقها وعلاقاتها السياسية والشخصية.
وعقد فريق ترمب جلسة تحضير للمناظرة استمرت 3 ساعات، الثلاثاء، في ناديه الخاص بنيوجيرسي. ومن المقرر عقد جلسات إضافية الأحد والاثنين.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر