توصلت واشنطن وبغداد إلى اتفاق حول خطة انسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من الأراضي العراقية. ونقلت مصادر عدة أن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر من عام 2025، والبقية بحلول نهاية العام التالي. وينتظر الاتفاق موافقة قيادة البلدين وتحديد موعد للإعلان عنه. وقال مسؤول أميركي كبير: «توصلنا إلى اتفاق، وحالياً يتعلّق الأمر فقط بموعد الإعلان عنه».
وقالت مصادر مطلعة إن المعلومات استندت إلى 5 مسؤولين أميركيين، ومسؤولين من دول التحالف الأخرى، و3 مسؤولين عراقيين، تحدثوا جميعاً بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة الأمر علناً.
ووفق المصادر، تسعى الولايات المتحدة والعراق أيضاً إلى إقامة علاقة استشارية جديدة يمكن أن تشهد بقاء بعض القوات الأميركية في العراق بعد الانسحاب.
وقال أحد المصادر إنه كان من المقرر في البداية إصدار إعلان رسمي قبل أسابيع، لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المتعلق بالحرب الإسرائيلية في غزة وتسوية بعض التفاصيل المتبقية، لافتاً إلى إمكانية «الإعلان عن الصفقة خلال الشهر الحالي».
وقالت وزارة الخارجية العراقية، الشهر الماضي، إن بغداد قررت تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بسبب «التطورات الأخيرة»، في إشارة إلى قصف قاعدة «عين الأسد».
وقال وزير الخارجية فؤاد حسين إن «مفاوضات الانسحاب لم تتوقف، لكن ظروفها تغيّرت».
وقبل ذلك، سربت مصادر عراقية أن «العراق يريد أن تبدأ قوات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في الانسحاب في سبتمبر المقبل وإنهاء عمل التحالف رسمياً بحلول سبتمبر 2025، مع احتمال بقاء بعض القوات الأميركية بصفة استشارية وفق تفاوض جديد».
وحينها، رأت فصائل مسلحة موالية لإيران تأجيل إعلان انسحاب «التحالف الدولي» من العراق مبرراً لاستئناف هجماتها بـ«وتيرة أعلى»، بعد «فشل الدبلوماسية» و«مماطلة واشنطن» في المفاوضات مع الحكومة العراقية.
وقال فصيلان منضويان فيما يعرف بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» إنهما «جاهزان لاستئناف العمليات»، وإن «الهدنة التي رعتها الحكومة العراقية انتهت عملياً».
وجاء الاتفاق بعد أكثر من 6 أشهر من المحادثات بين بغداد وواشنطن، التي بدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في يناير 2023، وسط هجمات الفصائل المسلحة المدعومة من إيران على القوات الأميركية المتمركزة في القواعد العراقية.
ومنذ فبراير الماضي، حافظت الحكومة العراقية على هدنة حرجة مع الفصائل المسلحة، بزعم أنها المسؤولة الحصرية عن مفاوضات انسحاب القوات الأميركية.
وكان الاتفاق بين الحكومة والفصائل، عبر وساطات سياسية شيعية، يستند بالدرجة الأساسية إلى أن أي عمل عدائي ضد الأميركيين سيدمر مفاوضات انسحابهم نهائياً من العراق، كما يقول مسؤولون.
ويسعى البلدان أيضاً إلى إقامة علاقة استشارية جديدة قد تسمح ببقاء بعض القوات الأميركية في العراق بعد الانسحاب.
وقالت المصادر إن الإعلان الرسمي كان مقرراً في البداية أن يصدر قبل أسابيع لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في قطاع غزة، ولتسوية بعض التفاصيل المتبقية.
من جهته، قال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية، إن المحادثات الفنية مع واشنطن حول الانسحاب انتهت.
وأضاف: "نحن على وشك نقل العلاقة بين العراق وأعضاء التحالف الدولي إلى مستوى جديد يركز على العلاقات الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية". ولم يعلق على تفاصيل الخطة التي كشفت عنها.
يأتي الاتفاق بعد محادثات استمرت أكثر من ستة أشهر بين بغداد وواشنطن، بدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في يناير/كانون الثاني وسط هجمات شنتها فصائل عراقية مدعومة من إيران على قوات أميركية متمركزة في قواعد بالعراق.
وأسفرت الهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات، مما أدى إلى جولات عدة من الرد الأميركي هددت جهود الحكومة الرامية لتحقيق الاستقرار في العراق بعد سنوات من الاضطراب.
ولدى الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق، إضافة إلى 900 في سوريا المجاورة، وذلك في إطار التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة تنظيم داعش بعد اجتياحه مساحات شاسعة في البلدين.
وسيطر تنظيم داعش في مرحلة من الصراع على ما يقرب من ثلث مساحة العراق وسوريا، قبل هزيمته في الأراضي العراقية في نهاية 2017 وفي سوريا في 2019.
وقال علاء الدين إن العراق أثبت قدرته على التعامل مع أي تهديد لا يزال قائماً.
وغزت الولايات المتحدة العراق في 2003 وأطاحت بصدام حسين قبل الانسحاب في 2011، لكنها عادت على رأس التحالف في 2014 لمحاربة تنظيم داعش.
وتشارك دول أخرى في التحالف بمئات الجنود، منها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.
وبموجب الخطة، ستغادر جميع قوات التحالف قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار بغرب العراق، وتقلل من وجودها في بغداد على نحو كبير بحلول سبتمبر/أيلول 2025.
ومن المتوقع أن تبقى قوات أميركية وقوات أخرى من قوات التحالف في أربيل بإقليم كردستان الشمالي شبه المستقل لما يقرب من عام إضافي، حتى نهاية 2026 تقريباً، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد تنظيم داعش في سوريا.
ويتم الإبقاء على سرية التفاصيل المتعلقة بحركة القوات لحساسيتها العسكرية.
وسيشكل انسحاب قوات التحالف تحولاً ملحوظاً في الموقف العسكري لواشنطن بالمنطقة.
فبينما ركز التحالف على مواجهة تنظيم داعش، يقر مسؤولون أميركيون بأن وجودهم يوفر موقعاً استراتيجياً في مواجهة النفوذ الإيراني.
وازدادت أهمية ذلك الموقع الاستراتيجي مع تصاعد المواجهة الإقليمية بين إسرائيل وإيران، إذ شاركت القوات الأميركية في العراق في إسقاط صواريخ وطائرات مسيرة استهدفت إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وقال السوداني في وقت سابق إن القوات الأميركية، رغم تقديره لمساعدتها، أصبحت عامل جذب لعدم الاستقرار، إذ يجري استهدافها على نحو متكرر وعادةً ما ترد بهجمات دون تنسيق مع الحكومة العراقية.
ومن المرجح أن يمثل الاتفاق عند إعلانه انتصاراً سياسياً لرئيس الوزراء العراقي الذي يسعى إلى تحقيق التوزان في موقف بغداد باعتبارها حليفة لكل من واشنطن وطهران.
ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من سحب القوات قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وقال مسؤول أميركي إن الإطار الزمني الممتد لعامين يمنح الولايات المتحدة "متنفساً" يسمح بإجراء تعديلات محتملة إذا تغير الوضع الإقليمي.
قد يُهمك ايضـــــًا :
القوات الأميركية تُدمّر صاروخاً أرض-جو لجماعة "الحوثيين" مثّل تهديداً لطائرة
هجوم بمسيّرة على القوات الأميركية المتواجدة في قاعدة عين الأسد بالعراق هو الثاني خلال ساعات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر