الدوحة ـ قنا
يعد مشروع إعادة استزراع الروض المتدهورة والمندثرة في البر القطري من أهم المشاريع التنموية التي أقرتها وزارة البيئة بالتعاون مع قطاع المحميات الطبيعية التابع للمكتب الهندسي الخاص، ويعتمد هذا المشروع على أسلوب النهج التشاركي في تنفيذ نشاطاته بالتعاون الوثيق مع المواطنين . ولم تغفل وزارة البيئة فى هذا الصدد عن التحديات المناخية والاحتياجات المائية أثناء وضع الخطط لمثل هذه المشاريع ، فسعت بكل طاقاتها نحو أخر الأبحاث والتجارب العلمية للدول المجاورة والعالم في مجال الاقتصاد المائي فكانت تقنية " دراي ووتر " تجربة رائدة يمكن أن تحقق بها الوزارة العديد من أهدافها سيما وأن العديد من الدول المجاورة استخدمتها في مشاريع استزراع كبرى وفي المناطق الصحراوية والرملية . وقد تم اختيار الري بمادة "دراي ووتر" بدلاً عن الري التقليدي الذي يصعب إيصاله إلى الروض والمناطق الرملية البعيدة دون الإضرار بالبيئة النباتية المحيطة، كما أنه يوفر من تكاليف عمليات الترقيع وإيصال مياه الري إلى المواقع البعيدة، ويحد من نمو الحشائش غير المرغوبة والتي تنافس الأشجار على مياه الري، ويمكن من الزراعة على أطراف الروض والمنحدرات الجانبية .. لكن الأهم من وجهة النظر البيئية هو درجة الأمان التي تعطيها المادة فتركيبها 97.5 بالمائة ماء نقي تضاف إليه مواد غروية سليلوزية طبيعية قابلة للتحلل يضعها في خانة الأمان البيئي . وتتميز المادة بأن تحللها وتحرر الماء منها يحدث نتيجة لنشاط أنزيمات التربة عند ملامستها للمادة الهلامية فتوفر الاحتياج المائي للأشجار دون الهدر والإسراف.. وتستطيع العبوة الواحدة أن توفر الماء اللازم لري الشتلات الصغيرة لما يقارب الشهرين وحسب درجات الحرارة وبالتالي يمكن للمادة أن توفر الوقت والجهد وخاصة للمهتمين بالبيئة القطرية من غير المختصين . وتقوم الوزارة بتقديم ما يزيد عن 4000 شتلة من الأشجار والشجيرات القطرية مجاناً "أشجار السمر والسلم والسدر البري والغاف والسنط والطلح والعوسج..." مع توفير بعض المواد المعروفة والمستخدمة في مجال الاقتصاد المائي وترشيد استخدام المياه في المناطق الجافة عبر التقنية المذكورة التى تساهم بشكل مباشر وفعال في إنجاح مشاريع التشجير خاصة التشجير الوقائي من خلال رفع وتيرة استرساء الشتلات منذ العام الأول للتشجير والاستغناء عن عملية الترقيع والحد من التكاليف العالية للري وخاصة في المناطق البعيدة عن مصادر المياه ومناطق الكثبان الرملية. وتتم عملية الزراعة في مناطق تواجد العزب الجوالة والقريبة من الروض والتى ابدى أصحابها الرغبة في التعاون حبا لبيئتهم بروضها وصحاريها وأشجارها ونباتاتها ، وهو الدافع الأكبر للوزارة نحو الانطلاق بهذا المشروع. وبدأت وزارة البيئة بتوزيع الأشجار والشجيرات البرية القطرية مع عبوات " دراي ووتر" على المواطنين أصحاب العزب الجوالة القريبة من الروض بالمنطقة الوسطى في الوقت الراهن في وحدة الشحانية البرية بمدينة الشحانية الذين أبدوا رغبة واستجابة ذاتية دافعها حب الوطن .. على ان يتم التوزيع في المناطق الشمالية والجنوبية في وقت لاحق، علماً أن الوزارة قامت بالتعاون مع أصحاب العزب الجوالة بزراعة بعض الأشجار البرية في الروض المتدهورة كنقطة انطلاق للمشروع. وأهلت الوزارة فى هذا الصدد مجموعة من مفتشيها والعاملين لديها بالوحدات الخارجية ليتواجدوا بجانب المواطنين منذ تسليمهم الشتلات وعبوات" دراي ووتر" وحتى الإنتهاء من الزراعة ومتابعة للشتلات المزروعة في المواقع وبشكل دوري . كما تقوم الوزارة من خلال هذا المشروع وبالتعاون مع قطاع المحميات الطبيعية التابع للمكتب الهندسي الخاص بتوفير كافة الإمكانيات المادية والبشرية عبر خطط مستقبلية متفق عليها بين الطرفين لإعادة استزراع بعض الروض المتدهورة بشتى مناطق الدولة مشاركةً منها في إعادة إحياء بعض الروض التى اندثرت مع مرور السنين . حسب وزارة البيئة ، فان هذا المشروع يدعم ما تقوم به من مشاريع الاستزراع للأشجار والشجيرات والنباتات البرية القطرية في بعض الروض والمناطق ذات الأهمية البيئية والاجتماعية وما تقدمه للأنشطة السياحية والثقافية مثل مشروع استزراع الأنواع البرية القطرية في منطقة الخريب ، بالقرب من ميدان سباق الهجن وكذلك مشروع استزراع مرخية مسيعيد . يذكر ان وزارة البيئة اصدرت قرارات صارمة لإيقاف التدهور البيئي ، وتبع ذلك مراقبة دائمة للبر بالاضافة الى غرفة المتابعة الدائمة للتعديات ومحاسبة مرتكبيها ، كقرار حظر رعي الأبل في دولة قطر الذي كان له دور هام في رفع نسبة التغطية النباتية في الكثير من الروض والحد من تدهور البيئة البرية ، فضلا عن توجه الوزارة نحو مشاريع الاستزراع البري لمكافحة التصحر وإعلان الكثير من الروض والمناطق البرية محميات طبيعية ، مما يعد رافداً يصب نحو خير البلاد وابنائها حاضرا ومستقبلا .