موسكو - روسيا اليوم
رحل الملحن والموسيقار السوفيتي الفذ أوسكار فيلتسمان، مؤلف مئات الأغنيات والأهازيج المحبوبة التي طالما أطربت الملايين، حيث وافته المنية ليلة 3 فبراير/ شباط في موسكو. ولم يمهل القدر أوسكار فيلتسمان أحد أكبر الملحنين السوفيت، إسبوعين آخرين حتى يتم عامه الـ 92 . فقد علمت وكالة "إيتار - تاس" بنبأ وفاته اليوم الاثنين 4 فبراير/شباط من صديقه وزميله المغني وفنان الشعب السوفيتي يوسف كوبزون. وقال كابزون: "لقد هاتفته منذ اسبوع وقلت له أننا بالقطع سنأتي إليه لنحتفل معه يوم 18 فبراير الجاري بعيد ميلاده، غير أن القدر لم يمهله، للأسف، ليحتفل بهذا الحدث". وأكد كابزون انه بالنسبة له ولغيره من الفنانين الذين أنشدوا الأغاني السوفيتية، فإن فيلتسمان كان مثالا "للحس الموسيقي المرهف والذوق العالي" والإبداع والخيال الرحب والموهبة الكبيرة الفذة. وأضاف: "لقد ضم رصيد ربرتواري العديد من أغاني أوسكار فليتسمان، ومن بينها أغنية "أنشودة الألوان" و"عودة الأغاني" وغيرهما الكثير مما لا يتسع المجال لذكرها". من جهتهم أعرب كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الرئيس بوتين، إضافة لرجال المجتمع والفن والثقافة، عن أصدق تعازيها لأسرة الراحل وأقربائه. وقال الرئيس الروسي: "لقد غيب الموت عن عالمنا اليوم، ملحن وموسيقار بارز، هو بحق بطريرك فن الألحان والموسيقى الوطنية. لقد رحل عنا أوسكار فيلتسمان، لكن بقى معنا إرثه الإبداعي الثري، بقيت الذكرى الطيبة والعطرة عن موهبة فذة، ورجل ملتزم ذي روح معطائة وأستاذ حقيقي". بينما وصف أندريه بوسيغين نائب وزير الثقافة الروسي رحيل فيلتسمان "بالخسارة الكبيرة للثقافة الروسية"، قائلا: "لا يسعنا إلا أن نصف ذلك بالخسارة الكبيرة لثقافتنا على العموم. لكم من الصعب إيجاد الكلمات للتعبير عن ألم الفاجعة". وأضاف أنه منذ طفولته وهو متابع معجب بإبداع فيلتسمان. ويشاطر نائب وزير الثقافة في كلامه، ميخائيل شفيدكوي الممثل الخاص للرئيس الروسي للتعاون الثقافي الدولي، الذي قال عن الراحل: " كانت تربطنا صداقة طيبة، وقد بدأت صداقتنا عندما كنت لا أزال وزيرا للثقافة واستمرت حتى أخر أيامه. ولطالما كنت أقدر فيه حسه وموهبته الموسيقية الفذة، لأنه كان، إذا جاز القول، الأخير من عصر الأغنية السوفيتية العظيمة، لقد كان إنسانا مثقفا جدا، وقد حصل كغيره من الملحنين السوفيتيين البارزين على تعليم محافظ، وكان على دراية كبيرة بالثقافة الموسيقية". وأضاف: "لقد كان شخصا متعدد الأبعاد، كأنسان عادي وكملحن وموسيقي. كان يكتب الأغاني حتى آخر أيامه، وكم كانت سعادته حين يبدأ الناس في غنائها وحبها. إنني على ثقة من ان أغانيه ستظل حية حتى من بعد وفاته، وهذا أهم أثر يتركه الفنان". في حين أكد الملحن فلاديسلاف كازينين: "يمكن وصفه بحق ملحن وطني بارز، عمل بنجاح متساو في كل ألوان الإبداع الموسيقي. إنني على يقين من أن إبداعات هذا الملحن الفذ ستظل تحتل مكانا عاليا في تاريخنا الثقافي". يذكر أن أوسكار بوريسوفيتش فيلتسمان ولد في 18 فبراير من العام 1921 في مدينة أوديسا. وكان والده جراح عظام، كما أنه كان عازفا محترفا على البيانو، وهو ما مكن الملحن منذ طفولته من حضور كافة حفلات الملحنين والمطربين الذين كانوا يزورون أوديسا. وقد بدأ فيلتسمان بدراسة الموسيقى وهو في سن الخامسة، أما مقطوعته الأولى على البيانو والتي حملت اسم "الخريف" فقد ظهرت بعد عام وهو في السادسة من العمر. وفي العام 1939 أنهى فيلتسمان مدرسة ستوليارسكي، والتحق بعدها بكلية الملحنين في معهد الكونسرفتوار بموسكو. وإبان الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية) تم إجلائه إلى مدينة نوفوسيبيرسك، حيث أصبح وهو في سن العشرين السكرتير المسؤول في اتحاد الملحنين بسيبيريا إلى أن قفل عائدا إلى موسكو في عام 1945. هذا، وتضم حقيبة أعمال فيلتسمان الإبداعية روائع الاغاني مثل "أنا مؤمن يا أصدقاء" و " اكليل الدانوب" و "تلف الأغنية وتدور" و "يا رجال الجبهة علقوا الأوسمة" و "سلام على بيتك" و "نصف ساعة قبل الربيع". إن هذه الأعمال وغيرها من أعمال الراحل زينت ربرتوارات المطربين ليونيد إوتيوسوف ومارك بيرنيس وفلاديمير تروشين ومسلم مقامايف ويوسف كابزون وإيديتا بييخا وصوفيا روتارو وليف ليشينكو وأوليغ أنوفرييف وغيرهم من المطربين الرائعين الذين لطالما تحدثوا بإنبهار عن الذوق الرفيع للموسيقار للراحل.