لندن ـ سليم كرم
وضع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي أحد الأخوين المشتبه في قيامهما بتدبير انفجارات ماراثون "بوسطن" تحت المراقبة، إثر تحذير تلقته من المخابرات الروسية منذ خمسة أعوام.وعلمت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن تامرلان تسارناييف (26 عامًا) كان على اتصال مباشر مع الإرهابيين الشيشانيين، إلا أنه، وعلى الرغم من علم "إف بي آي" بأنه كان "متطرفًا"، تم استبعاد احتمال أن يشكل خطرًا أو تهديدًا.
يذكر أن تامرلان
قتل على يد الشرطة، صباح الجمعة الماضي، في الوقت الذي ألقت فيه القبض على أخيه ذوخار (19 عامًا)، الذي تعرض لإصابة خطيرة في الرقبة والساق، أثناء القبض عليه، مساء الجمعة، حيث قالت الشرطة الأميركية أنه "وبعد محاصرة الأخوين داخل السيارة المرسيدس الرباعية الدفع المسروقة، خرج تامرلان من السيارة، وبادر بإطلاق نيرانه على أفراد الشرطة، وأثناء تبادل النيران، سقط فجأة على أفراد الشرطة شيء، أسفر عن ثلاثة انفجارات، وبعد نفاد الذخيرة من تامرلان، قتل الأخير، واعتقل أخيه".
وعلى الرغم من ابتهاج قوات الأمن بانتهاء العملية، إثر إلقاء القبض على المشبته به الثاني، إلا أن أعضاء الكونغرس أعربوا عن قلقهم، إزاء إهمال "إف بي آي" للمعلومات التي حصلوا عليها من موسكو.
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن والدة الأخوين، وتدعى زبيدة، أن "الإف بي آي أبلغها بأن تامرلان زعيم إرهابي وأنهم يخشونه"، وقالت أيضًا أن "الإف بي آي ظل يراقبه لمدة خمسة أعوام، وأنهم كانوا على علم بكل أفعاله وتحركاته"، في حين قال والدهما أنزور أن "المحققين حذروا ابنه بأنهم على علم بكل مواقعه، وبكل من يتصل بهم، وأنهم يعروفون عنه كل شيء"، مشيرًا إلى أنه "على الرغم من أن الإف بي لم يجد دليلاً على تورطه في أنشطة إرهابية، إلا أنهم استمروا يراقبون نشاطه عبر الإنترنت".
وقالت مصادر استخباراتية أن "روسيا ظلت على قناعة بأن تامرلان، وهو من أصول شيشانية، على اتصال مباشر بمليشيات إسلامية مسلحة في إقليم داغستان، الذي سبق له أن أقام فيه مع عائلته، لمدة عامين، قبل انتقاله إلى الولايات المتحدة"، وأنه "خلال زيارته لروسيا، العام الماضي، التي استغرقت ستة أشهر، قام بزيارة داغستان، التي تشهد حاليًا اضطرابات تفوق اضطرابات الشيشان"، مضيفة أن "هناك اعتقاد بأن تامرلان وأخيه دوخار، الذي كان يلتزم دائمًا بأوامره، قد استلهما فكر زعيم المتمردين دوكو عماروف، المعروف باسم بن لادن روسيا، وهو من أصول شيشانية، والمتهم بتدبير العديد من الهجمات الإرهابية الوحشية في روسيا، بما فيها الهجوم الانتحاري، الذي قامت به امرأتان في مترو موسكو، عام 2010، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن أربعين فردًا"، موضحة أن "عماروف كان يحارب من أجل استقلال الشيشان، إلا أنه كان يتبنى أجندة جهادية أوسع"، ويقول خبير شيشاني أن "عماروف سبق وأن أصدر تصريحات قال فيها إن عدو الإسلام ليس فقط روسيا، وإنما أيضًا أميركا، وذلك على الرغم من عدم قيام أنصاره بعمليات خارج روسيا".
ويقول عم الأخوين رسلان أن "ذوخار تعرض لغسيل مخ من جانب أخيه الأكبر تامرلان"، مُبينًا أنه "انزعج كثيرًا لهذا التحول في شخصيته".
وعلى مدار سنوات، بدا عليهما أنهما استقرا في الولايات المتحدة، حيث كانا يحظيان بشعبية في المدرسة، وبالتميز في مجال الرياضة، ولكن سرعان ما تعرض تامرلان إلى سلسلة من النكسات في حياته الخاصة، على نحو جعله يتحول ضد بلده الجديد، حيث كان ملاكمًا واعدًا، يهدف للمشاركة في الأولمبيات، ولكن إصابة بالظهر قضت على ذلك الحلم، ووصل به الأمر إلى العمل في وظيفة متواضعة، كما تحطم نفسيا لمقتل صديقه عام 2011، واعتقل من قبل لتهمة التهجم على صديقته، عام 2009، الأمر الذي حرمه من الحصول على الجنسية الأميركية.
وعندما عاد من روسيا وداغستان إلى الولايات المتحدة، اكتشف أن أمه فقدت وظيفتها، لتهمة سرقة بعض الملابس، وسرعان ما بدأ ينتقد أميركا، وربما قام الشقيقين بجريمتهما على سبيل الانتقام من أميركا.
من جانبها، أشارت الاستخبارات الروسية، السبت، أن هناك تعاون بين البلدين في هذا الشأن، والمثير للدهشة أن الرئيس الروسي بوتين كان قد عرض مساعدته في التحقيقات بشأن حادث بوسطن، وذلك قبل أن يعرف بتورط اثنين من أصول شيشانية في الموضوع.
ويقال أن تامرلان سعى لإطلاق لحيته بعد عودته إلى بوسطن، بعد انتهاء زيارته إلى روسيا، وتعتقد الشرطة بأنه قام بحلق لحيته قبل أسابيع قليلة، لإبعاد الشبهات عنه، أثناء التخطيط لتفجيرات بوسطن، بينما يؤكد والده أنه "لم يكن ينتمي إلى أي حركة إسلامية"، مشيرًا إلى أن "العائلة كانت متدينة باعتدال"، نافيًا أن يكون ابنه قد أخفى عنه أو عن أمه ميله نحو التطرف، بحجة أن ابنه لم يكن ليخفي عنه شيء، وأضاف أن ابنه بريء من تهمة تفجيرات بوسطن، وأنه تحدث إلى تامرلان بعد الحادث، وقال له "أحمد الله أنك لم تكن قريبًا من مكان الحادث"، وتساءل عمن يكون قد ارتكب تلك الجريمة.