إسطنبول – جان حمزة
إسطنبول – جان حمزة
يعدُّ راديو "الكل" من أبرز الإذاعات المعارضة التي تبث من الأراضي التركية، نحو الداخل السوري، مستخدماً أحدث الأجهزة التكنولوجية، ومستعيناً بطاقم يعدُّ الأكثر حرفية بين الإذاعات المعارضة، فيما تتسم برامجه بالتنوع في مختلف المجالات الحياتية، بداية من السياسية، ومروراً بالمنوعات والثقافة والفن والأدب والرياضة والاقتصاد، وليس انتهاءً بالأطفال.
وعلى الرغم من قلة الإمكانات، مقارنة مع أيّ راديو حكومي، أو خاص، فإن ما يقدمه راديو "الكل"، بعد ما يقارب عام على انطلاقه، يرقى لأن يكون ضمن أفضل الإذاعات العربيّة، بخطه الفكري، وتقنياته الفنية، وشموليته الإعلامية، وتوجهاته الحياتية، فضلاً عن الحرفية الواضحة في عمل طواقه، واستخدام أحدث الأجهزة الصوتية في العالم، والتي تقدم جودة عالية في الصوت.
وأوضح مدير البرامج في الإذاعة أبو سكر، في حديث إلى "المغرب اليوم"، أنّ راديو "الكل" يحجز، مثل سائر الإذاعات المعارضة الأخرى، ساعات بث على موجة الـ"fm" تصل إلى 4 ساعات يومياً، مشيرًا إلى أنَّ "الطاقم يحاول أن يقدم في الساعات الأربعة، التي نصل فيها إلى الداخل السوري، عبر الـ(fm) الأفضل، على مستوى الشكل والمضمون، وتتخذ إذاعتنا الخط الوطني الثوري في بثها المتواصل على شبكة الإنترنت".
وأضاف "بغض النظر عن بعض الممارسات على الأرض في الداخل، تبقى الحرية والعدالة واليمقراطية أساساً لعملنا، فنحن لا نتبع لأيّة جهة سياسيّة، ولا نخضع لأيّة وصاية، وأهدافنا توعويّة تنمويّة، ونسعى لنقد الأخطاء، والإشارة لها، وفي بعض الأحيان تقويمها".
وأشار إلى أنّ "عمل إذاعتنا لا ينتهي بتحرير سورية، بل يبدأ من هناك، حيث نسعى للاستمرار في عملنا بعد نهاية النظام القائم".
وعن المشاكل التي تواجه الراديو، أكّد أنّ "أحد أكثر المشاكل التي تعترضنا هي غياب شبكة المراسلين، فنحن في تغطياتنا نستعين بالناشطين الإعلاميين الذين يتواجدون على الأرض، ويزودون مختلف الوسائل الإعلامية بالأخبار المحلية، ولكننا في الوقت الراهن نسعى لتلافي هذه المشلكة، عبر بناء شبكة مراسلين في مختلف أنحاء سورية، وحصلنا على تمويل خاص بهذه المهمة".
وبشأن علاقة الراديو مع ائتلاف المعارضة السورية، لفت سكر إلى أنَّ "هناك تعاون لوجستي بين الائتلاف وراديو الكل، ولكننا لسنا ناطقين باسم الائتلاف، كما يعتقد البعض، فالعلاقة لا تتعدى كونها علاقة لوجستية، إضافة إلى علاقة إنسانية بين العاملين، بحكم وجود المكاتب في مبنى واحد، والائتلاف لا يتدخل أبداً في سياسة الإذاعة، ولا يوجد إيّ إملاءات من طرفهم علينا، ولا يتدخلون في سياسيتنا التحريرية، ونقدنا يطال في كثير من الحالات، الأخطاء التي ترتكب من المعارضة، سواءً من الائتلاف أو من غيره من التنظيمات السياسية، فنحن نحاول أن تكون لنا علاقة مع مختلف التنظيمات المدنية والسياسية، ونكون على مسافة واحدة من الجميع".
وأكّدت الإعلاميّة السوريّة سلافا أيوبي، في حديثها إلى "المغرب اليوم"، أنّ "مختلف برامج القناة تحاول أن تكون قريبة من شرائح المجتمع السوري كافة، وتحاول أن تقدّم المفيد للمتابع، دون إملاءات أو فرض وصاية إعلاميّة، أو استخدام الطرق المباشرة أو التقليدية في الإعلام".
وأضافت مقدمة ومُعدَّة الكثير من البرامج، التي تبث عبر أثير الإذاعة السورية المعارضة، منها "ساعة زمن، صغار عالهم"، أنّ "علمنا يقتضى توجيه النقد لكل الممارسات الخاطئة في المجتمع السوري، لاسيما أنّنا إذاعة ملتزمة بالخط الثوري، ومن خلال البرامج التي أقدمها، وأعدُّ بعضها، أحاول أن أسلط الضوء على مختلف القضايا، التي تهم شارعنا، سواء في الداخل أو في الخارج".
وختمت سلافا بقولها "الشفافية هي أساس عملنا، فليس لدينا أي شيء مستور، والتزامنا بخط الثورة يحتّم علينا الحديث عن الجميع، وللجميع، فنحن راديو (الكل)، ومتوجيهن للكل، وليس لجهة معينة أو فئة معينة".
وأشار المذيع والمُعدّ السوري محمد البارودي، في حديثه إلى "المغرب اليوم"، إلى أنّه "على الرغم من بعض التخطبات الإدارية داخل المحطة، وهي شيء طبيعي في ضوء الأحداث الراهنة، فإن العمل الإعلامي لم يتأثر، بل على العكس، المحطة تعتبر الأفضل بين كل الإذاعات المعارضة".
وأضاف "نحن رقم واحد في الكوادر، على المتسوى الإحترافي والمهني، والعاملين في المحطة من نخبة الجامعيين السوريين، ولكننا نعاني من مشكلة سرقة الأفكار، والتي أصبح شائعاً في الآونة الأخيرة".
وتابع مقدم برامج "بارود اهربوا"، و"شارع السياسة"، و"رزق الناس"، أنّ "تسمية (إعلام بديل)، التي أطلقها البعض على الإذاعات المعارضة، والوسائل الإعلامية الأخرى، ليست صحيحة، نحن لسنا إعلامًا بديلاً، فكل مقومات الإعلام الجدي والهادف موجودة لدينا، إضافة إلى الاحترافية والمهنية"، موضحًا أنَّ "عدم تبعيتنا لجهة سياسية أو حكومية لا تعني أننا إعلام بديل".
وعن البرامج التي يقدمها، ويُعدّ بعضها، بيّن بارودي أنّ برنامج "زرق الناس" نصف إسبوعي، وهو برنامج اقتصادي، يتطرق لاحتكار تجار الأزمة، ومشاكل الليرة السورية، وبرنامج "بارود اهربوا" موجه للجامعيين، وهو أسبوعي، يتحدث عبر الإسقاطات عن الأحداث الراهنة، و"شارع السياسة" يومي، يعنى بالأخبار، و"حكيم" وهو برنامج طبي.
واعتبرت المذيعة الجزائرية سمية ميتش، في حديث مماثل، أنّ "ما يميز راديو (الكل) هو عدم وجود سقف للحريات، فيمكننا الحديث عن أي شيء، وفي كل الأوقات، وليس هناك محظورات، وهذا أمر إيجابي جداً، كما أننا نحاول أن يكون لنا صدى في الداخل السوري، لنكون فاعلين في هذه المرحلة".
يذكر أنّ راديو "الكل" انطلق قبل عام تقريباً، في 4 نيسان/أبريل 2013، وبدأ كنشرة أخبار واحدة، قبل أن يتطور بشكل تدريجي، ليشمل بثه الساعات الـ24، منها 4 ساعات بث على موجة الراديو في الداخل، وباقي التغطيات تكون على الشبكة العنكبوتية، ومن برامج الراديو بيت بيوت، وساعة زمن، وصغار عالهم، ومسير، وأزادي، ومن هون وهنيك، وحكيم، وبارود هروبو، وحكي شباب، وكل الأحداث، ورياضيون في القمة، والساسة الجدد، وحتى يغيروا ديني، وحصاد الأسبوع، والميزان، ورزق الناس، وجولة الصحافة، إضافة إلى سكتشات تمثليلة ساخرة، تقدم عبر ممثلين محترفين.
ويتكوّن طاقم عمل الإذاعة من مدير البرامج أبو سكر، والمذيعون سلافا أيوب، ومحمد البارودي، وسمية ميتش، وأحمد زكريا، وعلي رجب، وعمار القاضي، وفي الإخراج الإذاعي همام الشامي، وهمام العقاد، والإخراج الفني للاسكتشات التمثيلية ناندا محمد، وفي الإعداد لمى شماس، وماهر الكردي، وسهير أومري، وأنس عمو، إضافة إلى فريق فني وتقني كبير.
ويشار إلى أنّ غالبيّة العاملين في القناة يستخدمون أسماءً مستعارة، خوفاً من تعرض عوائلهم وأصدقائهم في الداخل السوري للملاحقة والاعتقال من طرف الحكومة السورية، وأجهزتها الأمنية، والمخابراتية.
وتعدّدت الإذاعات السورية التي تبث من تركيا، نحو الداخل السوري، فمنذ انطلاق الثورة السورية ظهرت عشرات المحطات الإذاعية المعارضة، منها "بلدنا"، و"نسائم سورية"، و"هوا سمارت"، و"أنا"، و"سوريالي"، وغيرها، ومعظم هذه المحطات تبث على شبكة الإنترنت بشكل أساسي على مدار الـ 24 ساعة، فيما تستخدم موجة الـ"fm" لساعات محدّدة في اليوم، لتصل إلى مختلف أنحاء سورية، عبر جهاز الراديو.