بيروت ـ أ.ف.ب
شهدت بيروت الإثنين مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين، في حين بقيت المعارضة على موقفها الداعي لإسقاط الحكومة متهمة إياها بالصمت عن مقتل قادة لبنانيين على أيدي النظام السوري، وذلك بعد يومين من إغتيال مسؤول أمني كبير في انفجار سيارة مفخخة. وشهدت الساعات الماضية تحركًا دبلوماسيًا دوليًا في اتجاه لبنان ركز على أهمية "استمرارية العمل الحكومي والمؤسسات" من أجل حفظ الاستقرار في لبنان. ويسجل منذ صباح اليوم ظهور مسلح في عدد من مناطق غرب بيروت القريبة من الطريق الجديدة، معقل سعد الحريري، أبرز زعماء المعارضة، وقام مسلحون مقنعون بقطع عدد من الطرق بالعوائق وحاويات النفايات والحجارة ومنعوا السيارات من المرور. ويقوم الجيش بإعادة فتح الطرق وملاحقة المسلحين، إلا أنه تعرض في منطقتي قصقص ومستديرة شاتيلا لإطلاق نار من أسلحة رشاشة فرد عليه بالرشاشات الثقيلة. وكان الجيش نفذ عملية الليلة الماضية ضد مسلحين في الطريق الجديدة. وسمعت على مدى أكثر من ساعة طلقات نارية كثيفة من أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية لم يعرف تمامًا ما إذا كانت بين مجموعات مسلحة أو نتيجة تدخل الجيش الذي تمكن من "ضبط الوضع". وفي طرابلس كبرى مدن الشمال تستمر الإشتباكات متقطعة منذ الأحد بين منطقتي جبل محسن ذات الغالبية العلوية وباب التبانة ذات الغالبية السنية، ما تسبب بمقتل ستة أشخاص وإصابة أحد عشر شخصا بجروح بينهم ثلاثة عناصر من الجيش الذي يعزز مواقعه في المناطق المتوترة. وأوضح مصدر أمني لوكالة فرانس برس أن الظهور المسلح والحوادث الأمنية المتفرقة التي تحصل في عدد من المناطق السنية ناتجة عن "ردود فعل تقوم بها مجموعات تحظى بغطاء سياسي معين" بعد مقتل رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي الضابط السني وسام الحسن. وأكدت قيادة الجيش الإثنين "تمسكها بدورها في قمع الإخلال بالأمن وفي حفظ السلم الأهلي"، مشيرة إلى أن "التطورات التي حصلت في الساعات الأخيرة اثبتت بلا شك ان الوطن يمر بلحظات مصيرية حرجة، وان نسبة الاحتقان في بعض المناطق ترتفع الى مستويات غير مسبوقة". وشددت القيادة على أن "الأمن خط أحمر فعلًا لا قولًا"، داعية "المواطنين على تنوع انتماءاتهم إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية في هذا الظرف العصيب، وعدم ترك الانفعالات تتحكم بالوضع والمبادرة الى اخلاء الشوارع وفتح الطرق التي لا تزال مقطوعة". وقالت أن الجيش سيتخذ "تدابير حازمة، لا سيما في المناطق التي تشهد احتكاكات طائفية ومذهبية متصاعدة، وذلك منعا لتحويل لبنان مجددا الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية". وتقع المناطق السنية التي تشهد توترا في بيروت على تماس مع مناطق اخرى شيعية، وقد شهدت هذه المناطق في 2008 مواجهات دامية بين انصار الحريري وحزب الله الشيعي. ولم يعلق حزب الله خلال الساعات الماضية على التطورات الامنية ولا على مطالبة المعارضة للحكومة التي يشكل الحزب مع حلفائه اكثرية فيها، بالاستقالة. وكان تشييع الحسن امس في وسط بيروت تحول الى تظاهرة شعبية صاخبة طالبت باسقاط الحكومة، وانتهت بمحاولة متظاهرين اقتحام السراي الحكومي. وعلى الاثر وجه سعد الحريري نداء الى انصاره للانسحاب من الشوارع. وقال "لسنا طالبي عنف بل سلام. نريد ان تسقط الحكومة بطريقة سلمية. اطالب كل المناصرين والموجودين في الطرق بالانسحاب". الا ان اعتصاما لشبان من كل احزاب قوى 14 آذار (المعارضة) لا يزال قائما قرب السراي. وقد تم نصب خيم في المكان. كما نصبت خيمتا اعتصام على مقربة من منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في طرابلس للمطالبة باستقالته. وكان ميقاتي رد السبت على مطلب المعارضة بالقول انه ليس متمسكا بمنصبه، لكنه علق اي قرار حول الاستقالة على مشاورات وطنية يجريها رئيس الجمهورية مع الاطراف السياسيينحول الموضوع الحكومي، ومشيرا الى ان الرئيس ميشال سليمان حذره من الفراغ في حال تخليه عن رئاسة الحكومة. واكد سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان بعد اجتماعهم الاثنين مع سليمان، دعمهم للاستقرار واستمرار العمل الحكومي. وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة ديريك بلامبلي في بيان تلاه باسم السفراء ان على اللبنانيين ان يتفقوا على طريقة لتجاوز المرحلة الراهنة، على ان يتم ذلك "من خلال مسار سياسي سلمي وتأكيد استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي للمحافظة على الامن والاستقرار والعدل في لبنان". وفي رد غير مباشر على الانطباع السائد بان الدول الغربية غير متحمسة لاي تغيير حكومي في لبنان، اكد سعد الحريري تصميمه على الاستمرار في معركته. وذكر بيان صدر عن مكتبه الاعلامي ان الحريري تلقى اتصالات هاتفية من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذين قدموا له التعازي بالحسن. وقال البيان ان الحريري شدد خلال هذه الاتصالات "على ان الشعب اللبناني يقوم بتحرك مدني ديموقراطي سلمي لإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي"، وان قوى 14 آذار "ستبقى مقاطعة للحكومة حتى رحيلها لأنها نتاج المحور السوري الايراني وتعمل لتحقيق مصالحه ونفوذه على حساب مصالح لبنان وشعبه وأمنه". وكان ميقاتي تلقى بدوره اتصالات من كلينتون وفابيوس.