بيروت ـ جورج شاهين
أكد رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان استعداد لبنان الكامل لوضع إمكاناته المتواضعة في تصرّف تطوير فكرة "مجموعة التنسيق التنفيذيّة" لدول أميركا الجنوبية والدول العربية التي طرحت في قمّة الدوحة، إلى أمانة عامة تزوّد بالطاقات الملائمة للقيام بمهمة واضحة المعالم تُعرّف وتحدّد على أساس دراسة معمّقة من قبل فريق عمل يتمتّع بالكفاءات العليا يمكن تعيينه بالتشاور في خلال قمتنا لاستقبال المركز الرئيسي للأمانة العامة على أرضه في حال إقرارها، والتعاون مع جميع الأطراف المعنيّة من أجل تحقيق مقاصدها. وأوضح خلال كلمة ألقاها باسم المجموعة العربية في القمة الثالثة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية أن لبنان يتميّز، ربما أكثر من غيره من الدول بتطابق مصلحة بلدان الهجرة، أكان في أميركا الجنوبيّة أو في المنطقة العربيّة، مع مصلحته الوطنيّة بالكامل، لأنّ ازدهار بلاد الهجرة يصبّ في مصلحة ازدهار الملايين من أبنائه سواء كان على أرض الوطن أو في الخارج. وتمنى الرئيس سليمان من جهة ثانية على الدول المشاركة، تأييد اقتراح تشريع دولي سيتقدم به لبنان عبر الجامعة العربية يهدف الى تحريم وتجريم الإساءة إلى الأنبياء والرسل احترماً لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية في إطار احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان. وحذر من انه إذا لم نُحسن إدارة ثرواتنا لتعزيزها واستغلال التكامل بينها، فإنّنا سنتعرّض لحالات من الهدر، وفقدان إمكاناتنا لمواجهة التحديات التي سيفرضها علينا تضاعف عدد سكاننا، الذي سيبلغ في إقليمينا الملياريّ شخص منتصف القرن المقبل. وقال رئيس الجمهورية" أما إذا أحسنّا استغلال حجم التبادل بين منطقتينا من خلال التنسيق السياسي الوثيق والتكاتف والتضامن المتواصل، فإننا نضاعف وزن دورنا على الساحة الدوليّة ونسهم إسهاماً فاعلاً بمعالجة القضايا العالميّة من خلال طرح خيار آخر، مستقلّ، بعيداً من الأحاديّة أو ثنائيّة الأقطاب التي طبعت التاريخ المعاصر وفرضت عليه، معرباً عن استعداد لبنان للعب دور ناشط في هذا المجال. وجدد التأكيد على أن تحقيق السلام من شأنه أن يعزّز دعائم الديمقراطية الناشئة في الشرق الأوسط، إذا ما بني على أسس العدالة وعالج مجمل جوانب الصراع العربي – الإسرائيلي على قاعدة قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّة مؤتمر مدريد والمبادرة العربيّة للسلام التي أقرت بالإجماع في قمة بيروت العربية، وهو كفيل بأن يعيد الحقوق إلى أصحابها وأن يسمح بقيام الدولة الفلسطينيّة الحرّة والمستقلّة ويحفظ حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم الأصليّة و الحول دون توطينهم . وكان رئيس الجمهورية وصل إلى المسرح الوطني الكبير حيث تعقد القمة، وكان في استقباله رئيس البيرو تاسو هومالا، ودخل الجميع إلى إحدى قاعات المسرح الوطني حيث افتتحت القمة بكلمة للامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. ثم ألقى الرئيس سليمان باسم المجموعة العربية الكلمة التالية:نجتاز اليوم زمناً دقيقاً ربما سيُنظر إليه مستقبلاً كواحد من أصعب حقبات التاريخ الحديث، إذ بات ينتج أزمات ماليّة واقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة شاملة الأبعاد والتداعيات، يجهد المجتمع الدولي بتعثّر لإيجاد حلول مشتركة لها. وهي مسؤوليّة جماعيّة شديدة الإلحاح. وقد رافق هذه الحقبة حراك شعبيّ واسع في منطقتنا العربيّة، طالب ولا يزال، بالإصلاح والحريّة والديمقراطية، فباتت الشعوب تسعى لممارسة حقوقها بشغف ومن دون إدراك كامل لأفق حراكها أو لمشقّات الطريق وعثراتها. وهي مناسبة كي نعرب عن الأمل في أن تتمكّن هذه الشعوب من تحقيق مطالبها المشروعة من طريق الحوار والتوافق بعيداً من أيّ شكل من أشكال العنف . أما الاضطراب والقلق الذي بات يساور معظم المجتمعات والدول، فيقوم على خلفيّة فقر وجوع عالميّة الأبعاد، تطاول أكثر من مليار شخص بسبب سوء إدارة موارد العالم وتوزيعها، يعيشون على أقلّ من دولار وربع الدولار في اليوم. وهذه تشكّل في ذاتها مأساة أليمة، وإن كان عدد هؤلاء الذين يعيشون تحت حدّ الفقر أضحى على تراجع. نجتمع الآن على جسر بين عالمين وثقافتين تضمّان ما يقارب مليار شخص. وقد أنْعم الله علينا بموارد وثروات متكاملة من منتجات زراعيّة وغذائيّة من جهة، ومنتجات الطاقة على أنواعها من جهة أخرى. إلا أنّنا إذا لم نُحسن إدارة ثرواتنا لتعزيزها واستغلال التكامل بينها، فإنّنا سنتعرّض لحالات من الهدر، وفقدان إمكاناتنا لمواجهة التحديات التي سيفرضها علينا تضاعف عدد سكاننا، الذي سيبلغ في إقليمينا الملياريّ شخص منتصف القرن المقبل. وأتكلم هنا كرئيس للجمهورية اللبنانية - على استعداد للعب دور ناشط في هذا المجال، نظراً لانتمائه إلى العالم العربي من جهة، وارتباطه منذ القدم بدول أميركا الجنوبيّة بعلاقات مميّزة من الصداقة والتعاون، يحفّزها على الدوام وجود جالية لبنانيّة فاعلة في هذه القارة العريقة بحضارتها وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر، يشكّل أبناؤها جسر تواصل وتكامل بين بلداننا. وهنا كذلك يهمني أن استطرد وأضيف أن "لبنان على استعداد كامل من جهته، لوضع إمكاناته المتواضعة في تصرّف هذه المبادرة لاستقبال المركز الرئيسي للأمانة العامة على أرضه في حال إقرارها، والتعاون مع جميع الأطراف المعنيّة من أجل تحقيق مقاصدها". إنّ طرحنا يتمحور بخصوص إنشاء مصرف استثمار كبير ترسم له الصناديق السياديّة في إقليمينا، مع إمكان مساهمة المصارف الخاصة والعامة في المنطقتين. ونحن كمجموعة عربية نتفق بالرأي أن لبنان بالرغم من افتقاره في الوقت الحاضر، إلى ثروات طبيعيّة، يتمتّع بغنى فريد، وهو وجود شبكة من ملايين اللبنانيين في المنطقتين. ملايين من عوامل الإنتاج الفاعل منخرطة في الإقتصادات المحليّة، مُنتجة لقيمة مضافة، مساهمة مساهمةً يوميّة في خلق الثروة في البلاد التي استقبلتهم. لذا يتميّز لبنان، ربما أكثر من غيره، من الدول بتطابق مصلحة بلدان الهجرة، أكان في أميركا الجنوبيّة أو في المنطقة العربيّة، مع مصلحته الوطنيّة بالكامل، لأنّ ازدهار بلاد الهجرة يصبّ في مصلحة ازدهار الملايين من أبنائه سواء كان على أرض الوطن أو في الخارج، وهذا ينطبق أيضا بطبيعة الحال على مجمل الجاليات العربية في دول أميركا الجنوبية. في وقت يجهد البعض إلى التفرقة وافتعال الفتن الدينيّة والطائفيّة من طريق الإساءة إلى معتقدات الآخرين وجوهر إيمانهم وتمجيد منطق التصادم والعنف، تأتي هذه القمة بما تجمع وما تمثّل، لتبرز مظهراً بهيّاً من مظاهر التواصل والتكامل بين الحضارات والثقافات لا بل والديانات، وتسخير مجمل ما تملك من قدرات لخدمة نهج الحوار والتوافق ومقاصد الخير. وهو نهج يعتمده لبنان ويدعمه كمقاربة فضلى للمحافظة على العيش المشترك والتعاضد بين مكوّنات الشعوب الحضاريّة، في عالم بات يغلب عليه الشكّ والاضطراب. وفي هذه المناسبة، نتمنى على الدول المشاركة في هذا المؤتمر تأييد اقتراح تشريع دولي سيتقدم به لبنان عبر الجامعة العربية يهدف إلى تحريم وتجريم الإساءة إلى الأنبياء والرسل احترماً لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية في إطار احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان.