واشنطن - محمد صالح
في خطوة تاريخية تؤكد التزام المجتمع الدولي بالتقدم الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإجماع على قرار يهدف إلى تشجيع حماية البيانات الشخصية وحقوق الإنسان ومراقبة المخاطر.
يعكس هذا القرار، الذي بدأته الولايات المتحدة، ودعمه تحالف مكون من 123 دولة، بما في ذلك الصين في الثاني من مارس (آذار) الحالي، وحدة بارزة بين جميع الدول الأعضاء في «الأمم المتحدة» البالغ عددها 193 دولة. كما يظهر تصميماً جماعياً على توجيه تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي نحو الصالح العام للإنسانية.
ويسلط اعتماد هذا القرار من دون تصويت، من خلال اتفاق توافقي، الضوء على الاعتراف العالمي بالإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي والحاجة الملحة إلى إنشاء مجموعة أساسية من المبادئ التي توجه تطوره المتسارع.
ويدل هذا الإجماع على مستوى غير عادي من التعاون الدولي، الذي يجمع دولاً ذات وجهات نظر متنوعة، بما في ذلك روسيا والصين وكوبا، ويمثل لحظة نادرة من الاتفاق في عالم غالباً ما يتسم بالخلاف.
وقد أشاد مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان، بهذا التطور باعتباره خطوة هائلة إلى الأمام في الاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكداً على دور القرار في حشد الدعم العالمي للمبادئ التي ستحكم تطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقه.
أما وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، فاعتبر أنه «باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرار الذي قادته الولايات المتحدة، تحدثت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بصوت واحد لتحديد توافق عالمي حول أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والموثوقة لتعزيز التنمية المستدامة». تبع تصريحات بلينكن بيان لكامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكدت فيه ترحيب بلادها «باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يحدد مبادئ نشر واستخدام الذكاء الاصطناعي». كما نوّهت السفيرة الأميركية لدى «الأمم المتحدة» ليندا توماس غرينفيلد بالفرصة الحالية والتزام المجتمع العالمي بتشكيل إدارة هذه التكنولوجيا.
ويسعى القرار إلى سد الفجوة الرقمية التي تفصل الدول الغنية عن نظيراتها النامية، وضمان المشاركة العادلة في مناقشات الذكاء الاصطناعي والوصول إلى التكنولوجيا. ويؤكد على الأهمية الحاسمة لتمكين الدول النامية من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عدد لا يحصى من التطبيقات، من الرعاية الصحية والزراعة إلى التعليم وإدارة الكوارث، وبالتالي تعزيز التقدم التكنولوجي الشامل.
واعترافاً بالوتيرة السريعة التي تتقدم بها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يدعو القرار إلى توافق عالمي عاجل حول إدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تكون آمنة ومأمونة ومتوافقة مع حقوق الإنسان. وهو يدرك الحاجة إلى حوار مستمر حول مناهج الحوكمة للتكيف مع المشهد المتطور لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وفي سياق المناقشات التنظيمية، أعربت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى حد كبير عن دعمها لتنظيمات الذكاء الاصطناعي، في حين دعت إلى إنشاء أطر تستوعب نماذجها التشغيلية.
ويعترف القرار أيضاً بمبادرات «الأمم المتحدة» الأخرى، بما في ذلك الجهود التي يقودها الأمين العام أنطونيو غوتيريش، والاتحاد الدولي للاتصالات، والتي تهدف إلى ضمان مساهمة الذكاء الاصطناعي في الرفاهية العالمية. ويدعو إلى بذل جهد تعاوني بين الدول والهيئات الإقليمية ومجتمع التكنولوجيا والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية لتطوير أطر تنظيمية تعزز أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة وتحمي من سوء الاستخدام.
وبينما تتحرك الدول والمنظمات الدولية لترجمة هذه المبادئ إلى أفعال، يُعد القرار بمثابة منارة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف «الأمم المتحدة» للتنمية المستدامة لعام 2030. ويحثّ الدول الأعضاء على دعم البلدان النامية في الوصول إلى فوائد التحول الرقمي وتعزيز التنمية المستدامة. ويشدد على ضرورة دعم حقوق الإنسان طوال دورة حياة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وفي 13 من شهر مارس (آذار) الحالي، اعتمد الاتحاد الأوروبي رسمياً قانون الذكاء الاصطناعي، وهو أول كتاب قواعد شامل في العالم للذكاء الاصطناعي، ووافق أعضاء البرلمان الأوروبي بأغلبية 523 صوتاً مقابل 46 صوتاً وامتناع 49 عن التصويت. وبعد بعض الخطوات الإجرائية، من المتوقع أن تصبح هذه القواعد سارية بحلول مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين.
وتحظر لوائح الاتحاد الأوروبي كثيراً من التقنيات، بما في ذلك المراقبة البيومترية، وأنظمة التسجيل الاجتماعي، والشرطة التنبؤية، و«التعرف على المشاعر»، وأنظمة التعرف على الوجه غير المستهدفة. وعلى الرغم من كونه قانوناً تابعاً للاتحاد الأوروبي، فإن قانون الذكاء الاصطناعي سينطبق على الشركات في جميع أنحاء العالم التي تمارس أعمالاً تجارية في الكتلة الأوروبية.
ويمكن أن يؤدي انتهاك القواعد إلى فرض غرامات بنسبة 7 في المائة من إجمالي مبيعات الشركة العالمية، ما يثير قلق شركات التكنولوجيا الكبرى، التي تتلقى تنظيمات أكثر ملاءمة في الولايات المتحدة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
المغرب يُشارك في أول قرار للأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي