الرئيسية » تقارير

برلين ـ وكالات

يجمع الخبراء على القول إن تأثير الغازات المنبعثة من مكيفات السيارات على البيئة يكاد لا يذكر، مقارنة بانبعاث غازات ثاني أكسيد الكربون من محركات السيارات بالنسبة لتلوث البيئة والانبعاث الحراري. وإذا كانت باريس ترفض الربط رسميا بين قرارها بمنع شركة "مرسيدس" من بيع سياراتها الجديدة، التي لا تحترم القواعد الأوروبية في مكيفات هواء سياراتها، وبين الأحداث الجارية في الكواليس حول محاولة ألمانيا إدخال التعديلات على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 24 حزيران (يونيو) الماضي، المتعلق بتخفيف الانبعاثات من محركات السيارات الجديدة؛ فإن مصدرا دبلوماسيا فرنسيا يؤكد أن المعركة حول "مرسيدس" ليست سوى مقدمة لمعركة في مجال صناعة السيارات في أوروبا، لإجبار الشركات الألمانية على احترام القواعد الأوروبية في مجال صناعة السيارات. وإذا كانت السيارات الألمانية تتميز بالقوة والمتانة، فإنها تشكو من نقطة ضعف قد تكلفها كثيرا، ألا وهي أن محركاتها القوية، ووزنها الثقيل، يجعلها غير قادرة على احترام تخفيض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى 95 جراما في الكيلومتر الواحد اعتبارا من عام 2020م، وتخفيض هذه الكمية إلى ما دون ذلك في عام 2025م. وإذا كانت المعركة تأخذ في الظاهر شكل الدفاع عن البيئة، فإنها في الواقع تخفي بعدا اقتصاديا كبيرا يهدد شركات تصنيع السيارات في ألمانيا. فلكي تلتزم هذه الشركات باحترام القواعد الجديدة المتعلقة بانبعاث الغازات من محركاتها، يتحتم عليها رصد عشرات مليارات اليورو على الأبحاث الاستراتيجية، فيما تتفوق الشركات الإيطالية والفرنسية على الشركات الألمانية في هذا المجال. والمشكلة تكمن في أن الحكومة الألمانية قد وافقت في الـ 24 من حزيران (يونيو) الماضي على التوجيهات الأوروبية الجديدة، ولم تتمكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من تأمين الأكثرية اللازمة لمنع تبني هذه القواعد، كما أن برلين فشلت في تأمين الحد الأدنى المطلوب لتعطيل قرار تبنيها. وراعى قادة الاتحاد الأوروبي وضع المستشارة الألمانية الانتخابي، وأجلوا قرار موافقة قادة الدول الأوروبية على هذه التوجهات إلى ما بعد الانتخابات التشريعية الألمانية، بعد عدة أسابيع، في أيلول (سبتمبر) المقبل، لأنهم لا يريدون إضعاف ميركل قبل الانتخابات، لأن هذا الملف الحساس يمكن أن يؤثر في وضعها الانتخابي. ويأتي هذا في ظل أن شركات تصنيع السيارات الألمانية، لا سيما "بي إم دبليو"، قد بدأت الضغط على مستشارتهم لإجبارها على التراجع عن الاتفاق، ما قد يشكل سابقة في تاريخ الاتحاد الأوروبي لا أحد يعلم إلى ما يمكن أن تؤدي إليه من نتائج. كما أن من شأن هذا تأجيج مشاعر القلق من السيطرة الألمانية على القرارات الأوروبية، الذي فجرته أزمة اليورو وفرْض ميركل على بقية الدول الأوروبية السياسات التقشفية للحد من العجز في الموازنات العامة، وبالتالي تفاقم أزمة الديون. والحكومة الألمانية لم تعد تخفي نيتها بالتراجع عن القانون، وهي تغلف ذلك بشكل قانوني حيث تعمل على إيجاد أقلية تعطل تبنيه لدى طرحه على قادة الدول للموافقة عليه، وقال متحدث باسم الحكومة: "إننا بحاجة إلى اتفاق يأخذ في الاعتبار خصوصية صناعة السيارات الألمانية". وتحاول برلين كسب الوقت لإقناع عديد من الدول، التي تقف إلى جانب فرنسا، لتغيير مواقفها مثل إسبانيا والبرتغال، ولا يستبعد مصدر فرنسي، وفقا لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، أن تلجأ برلين إلى ابتزاز هذه الدول، بما في ذلك بريطانيا، التي تقف حتى الآن إلى جانب فرنسا، للحصول على الأقلية المطلقة لإدخال بند يستثني السيارات الألمانية من القواعد الأوروبية الجديدة. ويتوقع المصدر ألا تتردد ألمانيا باستخدام قوتها الاقتصادية كورقة في الضغوط، بما في هذا المساهمة في صناديق الإنقاذ الأوروبية المتعلقة باليورو، وأيضا بالاستثمارات الألمانية في أوروبا. فحتى الآن هناك ثلاث دول فقط تقف مجبرة إلى جانب ألمانيا، لأنها مرتبطة بمجموعتي "ديملر صاحبة "مرسيدس"، و"فولكس فاجن"، وهذه الدول هي تشيكيا، والمجر، وسلوفاكيا، بينما تقف إلى جانب فرنسا حتى الآن ايطاليا، وإسبانيا، والسويد، والدنمارك، وبريطانيا ورومانيا. ومواقف برلين وباريس المتناقضة من القواعد الأوروبية، تنبئ بـ "معركة دبلوماسية قاسية" في الأشهر المقبلة، فإذا كانت باريس قد خسرت الجولة الأولى من المفاوضات، لأنها لم تحضر لها بشكل جيد، فإنها ستلقي بكل ثقلها في معركة التصويت على القواعد الجديدة، نظرا لوزن صناعة السيارات في الاقتصاد الألماني. ولا يستبعد المصدر الدبلوماسي الفرنسي نجاح ألمانيا في هذه المعركة، فالمستشارة الألمانية تعتبر أن صناعة السيارات في بلادها تشكل محركا للإبداع التقني ومولدا للنمو الاقتصادي، ليس في ألمانيا فقط وإنما في كل أوروبا، وهذا الكلام يحمل في طياته حجم الضغوط التي يمكن أن تمارسها ألمانيا لاستثنائها من تطبيق القواعد الجديدة على سياراتها.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

هزة أرضية قوية في عدد المدن المغربية
نزار بركة يُعطي انطلاقة أشغال تثنية طريق إقليمي في…
البرلمان البريطاني عاجز أمام غزو الفئران
فلاحون بن سليمان في المغرب يستبشرون خيراً بالأمطار الأخيرة
هزة ارضية قوية تضرب الناظور و نواحيها

اخر الاخبار

سفارة المغرب في واشنطن تُسلط الضوء على التاريخ الاستثنائي…
فرنسا توجه دعوة خاصة للملك محمد السادس وترامب لحضور…
وزير الخارجية السعودي يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على غزة…
خامنئي يحث حزب الله اللبناني على الموافقة على مخطط…

فن وموسيقى

النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…
المغربية فاتي جمالي تخوض تجربة فنية جديدة أول خطوة…
حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…

أخبار النجوم

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من…
محمود حميدة يكشف سرّاً عن مشاركته في "موعد مع…
درّة تتحدث عن صعوبات تجربتها الإخراجية وسبب بكائها

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024

صحة وتغذية

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…

الأخبار الأكثر قراءة