بقلم : محمد الروحلي
لم تشهد مباراة الديربي بين الغريمين التقليديين الرجاء والوداد التي جرت عصر السبت الماضي، حضورًا جماهيريًا كبيرًا، وعكس كل التوقعات، ظلت أغلب مدرجات مركب محمد الخامس في الدار البيضاء فارغة في الجهتين اليمنى واليسرى. وحسب الإحصاءات الرسمية، فإن العدد لم يتجاوز ال 15 ألف متفرج في وقت طرح المنظمون للبيع 40 ألف تذكرة، مما تسبب في خسارة مزدوجة، أولا للفريق المنظم الذي يعاني أصلا من ضائقة مالية كبيرة، وكان يسعى للاستفادة من عائدات الديربي الاستفادة، على أمل التخفيف مؤقتا من وطأة الخصاص المالي المزمن، ومن جهة أخرى تأكيد الدور الجمهور الرياضي الوطني في إنجاح أكبر المواعيد، وذلك من خلال الحضور المكثف، وطريقة التشجيع والأسلوب الحضاري في المساندة.
إلا أن هذا الأمل خاب بسبب الحسابات الخاطئة لحسبان الرئيس السابق للرجاء، حيث قرر بمفرده التمييز بين أثمنة التذاكر الخاصة بالرجاويين، مقابل تلك المخصصة للوداديين، فكان رد الفعل أن قاطعت الأغلبية مقابلة الديربي في نسختها الرابعة والعشرين بعد المائة.
بلغ ثمن التذاكر لمتابعة الديربي من المدرجات المكشوفة 50 درهما بدلاً من 30 درهما، في حين تضاعف سعر المنصة الجانبية من 50 درهما إلى 100 درهم، وتم تحديد 300 درهم للمقاعد بالمنصة الشرفية، وهو ارتفاع رأته الأغلبية الساحقة من الجمهور غير مبرر بالمرة، وجاء بنتائج عكسية لما كان منتظرا، على اعتبار أن حضور أربعين ألف متفرجا بالأثمنة المعتادة، كان سيكون مردوده أفضل بكثير مما تحصل.
وطبيعي أن تثير هذه التفرقة بين جمهور الفريقين الكثير من ردود الفعل الغاضبة، نتج عنها شبه مقاطعة للجمهور في الوقت الذي كنا ننتظر فيه حضورا جماهيريا قياسيا، يظهر بالفعل شغف المغاربة بكرة القدم، قبل يومين فقط من موعد الزيارة التفتيشية لجنة التقييم الخاصة بتتبع الملفين المتنافسين على استضافة مونديال 2026، والمغرب المرشح في مواجهة الملف الثلاثي، يفاخر بكون المغاربة شعب شغوفا بكرة القدم، ومباراة الديربي كانت أكبر فرصة للترويج لهذا الملف الذي يحظى بإجماع وطني لا يناقش.
حسبان وهو يستعد إذن لمغادرة منصب الرئاسة التي تمسك فيها إلى آخر رمق، اتخذ للأسف قرارا سيحسب في عهدته، وكانت بالفعل حساباته خاطئة، إلا أن هذا لا يلغي أبدا الخدمات التي أسماها للرجاء في ظروف صعبة للغاية واجه فيها بصلابة حربا طاحنة، وضمن للفريق مسارا متوازنا رغم الخصاص المالي الفظيع، ومخلفات سوء تسيير من سبقه في المنصب.
عهد حسبان أصبح من الماضي، فهل تجد الرجاء أخيرا الهدوء الضروري قصد حصول التوازن المطلوب في مسيرتها نحو المنافسة من جديد على ألقاب وطنيا وقاريا وحتى دوليا؟…