بقلم: محمد الروحلي
في خضم النقاش الدائر حول إعادة هيكلة كرة القدم الوطنية، ومرتكزات استراتيجية العمل التي جاء بها المكتب الجامعي الذي يقوده فوزي لقجع، طفت على السطح إشكالية التسيير ومسؤوليته في تطبيق هذه الاستراتيجية، داخل منظومة تتطلب -كثيرا- فكرا متوازنا ودراية وانفتاحا على كل التجارب الناجحة… وأولى الخطوات تسير في اتجاه وضع حد لدور المنخرط الذي أساء كثيرا لكرة القدم الوطنية وتحول إلى عرقلة حقيقة، عوض لعب دور القاعدة التي تنبني عليها الرهانات المستقبلية.
وحين يفرز قانون المنخرط كل هذه الإشكالات، فإنه لا خير يرجى من مسير منبثق من قاعدة هشة وغير قابلة نهائيا للتطور، لنصل إلى الإشكال الحقيقي والمزمن، ألا وهو غياب المسير القادر على قيادة كرة القدم المغربية نحو عالم الاحتراف.
وإذا كان تاريخ الرياضة الوطنية يحتفظ بأسماء كبيرة ساهمت في بناء صرح الرياضة الوطنية، من مسيرين قدموا الغالي والنفيس من أجل جعل النادي قلعة للتربية على المواطنة والروح الرياضية العالية والدفاع على القميص الوطني باستماتة ونكران الذات.
تغير الواقع الآن، وأصبح المسير من طينة الكبار الذين غادرونا إلى أرض البقاء، عملة نادرة، لتحل مكانها في الساحة نماذج تجعل من الرياضة وسيلة للوصول إلى غايات ظاهرها رياضي، لكن باطنها يخفي الكثير من الفظائع والحالات المسيئة للرياضة والرياضيين.
صحيح، أن هناك مسيرين نزهاء يشهد لهم بالكفاءة، لما قدموه من خدمات جليلة لفائدة أنديتهم، لكن الأغلبية الساحقة من أشباه المسيرين باتوا يعيثون فسادا في الأرض، وتجدهم يبرزون بدور ملتو وشعارات براقة، مستغلين بعض وسائل الإعلام التي لا تتحرى قبل أن تجعل من هذه الأسماء أهرامات، لكن من ورق.
أمام ضبابية الصورة اختلط الغث بالسمين، وهيمنت النماذج السيئة على الساحة، ليخفت دور النزهاء، في وقت أصبح النادر لا قيمة له.
جاءت الرسالة الملكية خلال المناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة بالصخيرات خريف سنة 2008، لتضع الأصبع على مشكل حقيقي اسمه التسيير الرياضي، فقد جاء في هذه الرسالة التاريخية بخصوص التسيير داخل المنظومة الرياضية:
"…ومن التجليات الصارخة لاختلالات المشهد الرياضي، ما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور واتخاذها مطية، من لدن بعض المتطفلين عليها، للارتزاق أو لأغراض شخصية، إلا من رحم ربي من المسيرين الذين يشهد لهم تاريخ الرياضة ببلادنا بتضحياتهم بالغالي والنفيس من أجلها، جاعلين الفرق والأندية التي يشرفون عليها بمثابة أسرتهم الكبيرة ولاعبيها في منزلة أبنائهم".
كلام جميل.. وكلام معقول، يقف على كل الحقائق التي يفرزها الواقع المعاش، وذلك بتسليط الأضواء على مواقع الخلل، مع إنصاف الذين جعلوا من الفرق والأندية في مقام عائلتهم الكبيرة.
هذه الأسئلة وغيرها موضوع نقاش طويل، يطغى على اهتمامات المتتبعين وكل المتدخلين، لما يمكن أن تشكله هذه الخطوة من توازن مطلوب على المسار العام للممارسة، في وقت وصلت فيه كرة القدم الوطنية والرياضة بصفة عامة لمفترق الطرق، تنتظر المسير المؤهل القادر على قيادة القطاع في الألفية الثالثة، بكل ما تحمله من تحديات ورهانات وصعوبات…