مدارات الروح
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

مدارات الروح

المغرب اليوم -

مدارات الروح

بقلم وعدسة - زياد جيوسي

مرة أخرى أعود إلى زهرة الشمال في الأردن الجميل، خلال فترة لم تتجاوز الأسبوع، فبعد رحلة استكشافيّة للأمكنة وبوحها وجمالها، استمرت ثلاثة أيام متواصلة برفقة زوجتي، كنا نتجه سويًا بعد أيام لم تتجاوز الأسبوع، باتجاه الشمال، لنحلق في مدارات الروح والفن التشكيليّ. 

فزهرة الشمال أربد بألويتها المتعددة وريفها النقي تزخر بالجمال الطبيعي من جهة، وتراثها التاريخي وآثارها التي تروي الحكايات من جهة أخرى، وكان الفن التشكيلي إضافة تكمل أضلاع المثلث، فتجعل من أربد بوصلة للتحليق في فضاءات الفن والجمال.

الفنانة التشكيلية ميساء عبد الله المشني، وجهت لنا الدعوة حين التقيناها في آخر جولتنا الشمالية، وعدناها أن نحضر ونشاركها الفرح إن شاء الله لنا ذلك، وقبل الموعد بساعتين كنا نتجه شمالا حتى أطللنا على أربد، ومن مدخلها واصلنا المسير الى مكان المعرض في بيت عرار شاعر الأردن المتميز "مصطفى وهبي التل"، حيث يرقد رفاته في ضريح في صدر باحة البيت التراثي الجميل، والذي كان منزل والده ونقل رفاته اليه بقرار من شقيقاته اللواتي قررن أن يكون البيت الذي آل لهن وقفا لتخليد ذكرى الشاعر، وتمّ نقل رفاته اليه في 31 آذار للعام 1989 ليصبح المكان مركزا فنيًا وثقافيًا تحلق في فضائه روح الشاعر مبتسمة.

وصلنا المعرض وشعرت بهيبة المكان، وشعرت بروح الشاعر عرار ترحب بي، وأنا الذي عشقت شعره منذ الطفولة، وما زلت أحفظ منه الكثير، لأدخل من البوابة وأواجه على يميني شجرة متميّزة بجذعها الملتف بطريقة غريبة، ولأبدأ التجوال في الباحة في فضاء المعرض، فكانت البداية مع لوحات الفنانة ميساء، حسب تنسيق المعرض من يمين الداخل، حتى انتقلت بعدها للتجوال في فضاءات الفنان محمد ذينات.

ميساء عبد الله المشني لها بصمة خاصة في لوحاتها ومنذ اللحظة الأولى يشعر المشاهد كم أن الفنانة مرتبطة بقوة بالوطن فلسطين، وأيضا يشعر بحجم التأثر بروح الفنان اسماعيل شموط، والذي لا تخفي الفنانة تأثرها الكبير به وتعتبره أستاذها وملهمها، وهذا يظهر واضحًا في لوحاتها الأولى، وإن بدأت بالتحليق والخروج من هذا الإطار، وبدأت بوضع بصمة خاصة للوحاتها من خلال روحها في لوحاتها الأخيرة، مثل لوحة مقاومة ولوحة بلا دموع، وسأتحدث عن نموذجين من لوحاتها وهي أولا لوحة "الشهيد"، وتميّزت لوحتها بشكل خاص في المعرض، وشدّت انتباه الحضور المكثف يوم الافتتاح، وفي هذه اللوحة التي تروي حكاية الشعب الفلسطيني، نرى مشهد للشهيد مسجى بكفن أخضر، وهذا يلفت النظر فالعادة أن يلف الكفن للشهيد بالعلم الفلسطيني. 

وفي ظلّ بروز اتجاهات وقوى سياسية خارج إطار م ت ف، بدأ الخروج عن التقليد ولف أكفان جثامين الشهداء برايات فصائلية خضراء أو سوداء، وتحيط النساء بالجثمان بملابس شعبية وتراثية وإن خلت من التطريز الفلسطيني الكنعاني الرموز، وهذا الزي ينتشر في بعض البلدات، حيث الألوان الزاهية بدون التطريز المعتاد وغطاء الرأس الابيض، بصمت وبدون صراخ، إما احترامًا للشهيد أو تجمّد الدموع من حجم الشهداء، والأطفال يحيطون بهنّ وكأنها إشارة رمزيّة أن الأجيال تتوالد، ويأتي من يواصل المسيرة، وهذا ما نشاهده بمشهد أطفال يحملون جسدًا، ربما أصيب أو استشهد بمواجهة معتادة مع الاحتلال، وامرأة تحمل على رأسها وعاء القش التراثيّ ممتلىء بالأزهر، التي ترش على جثامين الشهداء، والأطفال يحيطون بالنساء، وفي أفق اللوحة مجموعة من الجنازات حيث تظهر مجموعة من النعوش يحملها الرجال على أكتافهم متجهين بها للدفن، والملاحظ أن حجمها أكبر من المعتاد وكأنه اشارة رمزية أن قيمة الشهيد وكرامته كبيرة جدا، وفي يسار اللوحة (بالنسبة للمشاهد) نجد الخيام التي رمزت للمخيمات الفلسطينية مرتين، إثر نكبة 1948 ونكسة 1967، إضافة إلى موجات المخيمات الطارئة التي يكون فيها الفلسطينيون هم من يدفع ثمن الصراعات التي لا ناقة لهم بها ولا بعير، وفي أفق اللوحة نرى النيران مشتعلة بقوة حتى أن لون السماء كان كتلة من النيران وكأنها اشارة لثورة تشتعل حتى تبلغ عنان السماء، ومن يتأمل اللوحة جيدا يجد حجم التاثر بلوحة العشاء الأخير (في تسجية الشهيد) والنساء من حوله، ولوحات اسماعيل شموط، ولكن بعيدًا عن الاستنساخ والنقل.

أمّا اللوحة الثانية "بلا دموع"، فهي أحدث لوحات الفنانة وتمثل مرحلة جديدة ببصمة خاصة للفنانة، فهي تمثل امرأة تصرخ بقوة ولكن بدون دموع ولا بكاء، هي صرخة الثورة في وجه الظلم، والفنانة في هذه اللوحة لجأت الى تقاسيم وملامح الوجه بإتقان وإن منحتها حدّة في الملامح، وهذا ما يظهر بوضوح في أجزاء الوجه كافة، والمرأة التي تصرخ تضع المنديل على رأسها ولكنها تتركه مسدولا وليس مشدودا ليخفي الشعر، وهذه إشارة إلى صرخة في وجه ظروف اجتماعية، تقيد المرأة من خلال عادات وتقاليد، وخلفية اللوحة مشوبة بألوان الفجر كإشارة رمزية أنه لا بد من إشراقة الفجر والحرية، واللوحتين بالزيت، وقد تمكنت الفنانة من التعامل مع الالوان الزيتية باحترافية عالية بدون أية تشويهات أو انسيابات مغفلة وبكرم لوني لم يترك أية فراغات أو بخل باي زاوية من زوايا اللوحات.

الفنان محمد ذينات تميّز بثلاثة أساليب في إبداعاته وهي المكان والتراث، والطبيعة بين البحر الهائج في لوحة وذئب في لوحة أخرى، وباقي اللوحات مشاهد للطبيعة بألوان فرحة وجميلة، لوحات انطباعية (كلاسيك) كلها من فواكه وورود، وفي لوحات المكان والتراث برزت لوحتين بشكل خاص، الأولى لفتاة شابة تصب القهوة العربية (السادة) والمستخدمة في الأردن في الفرح والترح، وواضح من ابتسامة الفتاة الشابة أنها تصبّ القهوة في الفرح، وقد مازج الفنان التراث بشكل لافت للنظر مع الفتاة، فهي ترتدي الثوب التقليديّ المستخدم في مناطق شمال الأردن، وأيضًا التراث القديم على وجهها، فعلى ذقنها وأعلى الخد الوشم الأخضر، مما يذكر بعادة كانت منتشرة بين الجدات وإن كانت انقرضت الآن تقريبا، وتلف كتفيها بالكوفية الحمراء (الشماغ) والمستخدمة بمناطق الاردن بشكل عام، وتحمل (دلة القهوة) النحاسية والفنجان المزركش، والملفت للنظر مخالفة طريقة صب القهوة للعادات المستخدمة، فالفتاة تحمل الفنجان باليد اليسرى والدلة في اليمنى، وهذا مخالف للعادات والتقاليد المستخدمة في صب القهوة.

اللوحة الثانية التي لفتت نظري تصور مباني تراثية مبنية بالحجارة السوداء (البازلتية) والبيضاء، وهذا يتكرر في لوحتين، وهذا النمط من البناء منتشر في اربد التراثية والعديد من البلدات في المحافظة وخاصة بيوتات بلدة أم قيس التراثية والأثرية، وفي هذه اللوحة كان البيت التراثي على يسار اللوحة بالنسبة للمشاهد من الحجارة السوداء البازلتية، بينما البيت مقابله من الحجارة البيضاء، والبيوت في آخر اللوحة تمازج النمطين بجو ريفي جميل، بينما باقي اللوحات كانت لأدوات تراثية ولوحة تقليدية لخزنة البتراء. 

وقد استخدم الفنان الألوان الزيتيّة والأكليرك اضافة لألوان الباستيل الناعم باحترافية متميزة تظهر قدرته التقنية على استخدام اللون وضربات الفرشاة القوية والناعمة والمتقنة بكل الحالات المستخدمة.

الفنانة ميساء عبدالله المشني من مواليد اربد عام 1980، ونالت الماجستير في الفنون التشكيلية من جامعة اليرموك عام 2013 بتقدير امتياز، ودرجة البكالويوس من نفس الجامعة بترتيب اول قسم التشكيلي لعام 2004 وتعمل مدرسة فنون في مدرسة حكومية، وشاركت في عدة معارض شخصية وجماعية محلية وعربية، وأنجزت ثلاثة معارض شخصية، وهي رئيس جمعية همم للفنون التشكيلية.

الفنان محمد كامل الذينات، فنان تشكيلي من قرية جمحا من قرى اربد، درس الفن التشكيلي في جامعة اليرموك وحصل على البكالوريوس سنة 2002 ثم الماجستير، وشارك الفنان في العديد من المعارض الفنية المحلية والعربية، وأنجز عدة معارض شخصية ويعمل مدرسا للفن أيضا.

المعرض بشكل عام كان معرضًا جيدًا وموفقا سواء من حيث المكان الذي ارتبط بالتاريخ والتراث، أو من حيث اللوحات بموضوعاتها وتعابيرها لدى الفنانة والفنان، أو من حيث حجم ومستوى الحضور، فقد كان عدد الحضور متميزًا ولم يتوقف طوال ساعات من لحظة الافتتاح، الذي رعاه مدير مديرية ثقافة محافظة اربد د. سلطان الزغول وطوال أيام المعرض الثلاثة.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدارات الروح مدارات الروح



GMT 13:35 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 10:49 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 11:06 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 20:08 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

GMT 10:17 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib