من لعنة حماة إلى لعنة سوريا
عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد الشرطة البرازيلية تعتقل خمسة أشخاص متورطين في محاولة انقلاب خططوا فيها لقتل الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ونائبه جيش الاحتلال يُفيد بإصابة نحو 11 جندياً إسرائيلياً في معارك جنوب لبنان خلال 24 ساعة فقط استشهاد أكثر من 43970 فلسطينيًا وإصابة 104,008 آخرين منذ أن شنت إسرائيل حربها على غزة منذ السابع من أكتوبر استقالة رئيس أبخازيا أصلان بجانيا بعد احتجاجات ضد اتفاقية استثمارية مع روسيا السلطات السورية تفرج عن صحفي أردني بعد 5 أعوام من اعتقاله افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين بين منتخبيْ جزر القمر ومدغشقر محامي اللاعب حسين الشحات يكشف عن قرب إتمام الصلح النهائي بين موكله واللاعب المغربي محمد الشيبي زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر ماريانا غرب المحيط الهادئ
أخر الأخبار

من لعنة حماة.. إلى لعنة سوريا

المغرب اليوم -

من لعنة حماة إلى لعنة سوريا

بقلم : خيرالله خيرالله

لم تكن للنظام السوري شرعية من أيّ نوع في أيّ يوم من الأيّام. هذا ما يفسّر وصول سوريا إلى ما وصلت إليه، وتحولها إلى منطقة نفوذ يتقاسمها الروسي والإيراني والتركي والإسرائيلي في ظلّ لامبالاة أميركية وأوروبية. استمرّ النظام الذي يُعتبر تتمة لانقلاب عسكري قضى في الثامن من آذار – مارس 1963 على التجربة الديمقراطية الناشئة والمحاولة الخجولة للعودة إلى الحياة المدنية جاثما على صدور السوريين منذ العام 1970.

استطاع النظام السوري في كلّ مرحلة من المراحل البناء على حدث ما أو مجزرة معيّنة أو علاقة مع هذه القوة الأجنبية أو تلك، كي يبقى في السلطة معتمدا قبل أي شيء آخر على العصب الطائفي. هذا العصب يبقى العمود الفقري للنظام الذي تأسس فعليا في شباط – فبراير 1966، تاريخ انتقال الحكم الذي في أساسه انقلاب عسكري إلى الضباط العلويين. قام النظام في نهاية المطاف على سلسلة من الشرعيات المزّيفة ترافقت مع إحكام الطائفة، ثمّ العائلة، سيطرتها على البلد وعلى مواطنيه استنادا إلى ثقافة قائمة على إلغاء الآخر ولا شيء آخر غير ذلك.

تمر هذه الأيّام الذكرى الخامسة والثلاثين لمجزرة حماة التي ارتكبها النظام السوري في شباط – فبراير من العام 1982. لا أرقام نهائية حتى اليوم لحجم المأساة التي بنى عليها حافظ الأسد جزءا من “شرعيته”. المتداول في أوساط المطلعين أن عدد الضحايا بلغ نحو أربعين ألفا، وأن عائلات بكاملها أُبيدت عن بكرة أبيها، كما أنّ قسما كبيرا من المدينة دمّر.

ما زالت حماة تقاوم حتّى اليوم على الرغم من كلّ المحاولات التي بذلها النظام وما زال يبذلها للتخلّص من المدن السورية الكبرى أو تدجينها وتغيير طبيعة تركيبتها السكّانية كما يحصل حاليا مع دمشق.

كانت مجزرة حماة من بين المحطات التي لا بدّ من التوقف عندها لفهم كيف وصلت سوريا إلى ما وصلت إليه. عندما فقد حافظ الأسد السيطرة على المدينة مطلع شباط – فبراير 1982، أيقن أن نظامه صار في خطر. لم تكن حماة وحدها التي تحرّكت في تلك الفترة. كانت هناك تحركات شعبية في مدن ومناطق مختلفة، بينها دمشق وحلب وحمص واللاذقية، على الرغم من أن العلويين باتوا يعتبرون المدينة الساحلية تحت السيطرة الكاملة إثر الإتيان بسكان من الريف إليها. لم يتردد الأسد الأب لحظة في تطويق حماة وقصفها ومحو أحياء فيها من الوجود. لا تزال آثار نحو عشرين ألفا من أهل المدينة مختفية إلى اليوم…


منذ وصوله إلى السلطة في السادس عشر من تشرين الثاني ـ نوفمبر 1970، حاول حافظ الأسد دائما الاستحصال على شرعية. كان ملفتا أنّه لم ينتخب رئيسا للجمهورية مباشرة بعد الانقلاب الذي قام به. وجد أستاذ مدرسة سنّيا من منطقة حوران يدعى أحمد الخطيب ليشغل هذا الموقع لأقلّ من ثلاثة أشهر. بعد ذلك أصبح الأسد الأب رئيسا في شباط – فبراير 1971. بين الانقلاب الذي قام به على رفاقه، وكان أبرزهم صلاح جديد، ووصوله إلى الرئاسة، راح حافظ الأسد يصلي في المساجد السنّية. لم يوجد بين السوريين من سكان المدن الكبيرة ومن التجار والمهندسين والأطباء والمحامين من يقبل شرعيته المزيّفة التي قامت على الصلاة في مساجد السنّة وعلى قمع أهل المدن والعمل على إيجاد تحالف مع سنّة الأرياف.

كانت الدفعة القويّة التي تلقاها نظام الأسد الأب في العام 1973. أشركه أنور السادات في حرب لم تكن تستهدف تحرير الجولان، بمقدار ما كانت تستهدف إيجاد شرعية لوزير الدفاع السوري، المسؤول الأول عن سقوط الهضبة الإستراتيجية في أثناء حرب العام 1967. لم يكن هذا الوزير أحدا سوى حافظ الأسد الذي خسر الجولان وظلّ يتاجر به إلى يوم وفاته.

من الدخول إلى لبنان والبقاء فيه، عسكريا وأمنيا، طوال ثلاثة عقود، مرورا بالمتاجرة بالنظام البعثي الآخر في العراق وإقناع العرب والعالم ثمّ إيران بأن لا بدّ من إيجاد توازن معه، تدبّر حافظ الأسد أموره إلى حد كبير. قبض ثمنا كبيرا لوقوفه في وجه البعث الآخر المقيم في بغداد. قبض الثمن من العرب ومن إيران خصوصا. وجد حافظ الأسد لنفسه مكانا في المنطقة العربية، خصوصا بعد إغلاق جبهة الجولان إثر اتفاق فصل القوات مع إسرائيل في 1974 وبعد المشاركة إلى جانب القوات الأميركية في حرب تحرير الكويت في مطلع 1991. كان في كلّ وقت على تناغم مع إسرائيل التي لم تكن يوما ضد بقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة واستمرار حال اللاحرب واللاسلم في المنطقة، وهي الحال التي اعتبرتها دائما الأنسب من أجل تحقيق أهدافها المتمثلة في خلق وقائع على الأرض.

بقيت مجزرة حماة في كلّ وقت تلاحق حافظ الأسد. لم يستطع في أيّ وقت محو ما فعله بالمدينة وأهلها من ذاكرة السوريين. بقيت حماة في الذاكرة بعد رحيل الأسد الأب وحلول ابنه مكانه. بقيت رمزا لرفض الشعب السوري الرضوخ لمشيئة النظام ووحشيته. رفضت حماة الأب وترفض الابن. أكدت في كلّ وقت أن النظام لا يمتلك أيّ شرعية، مهما قتل ودمّر وهجّر.

أن يتذكّر السوريون المدينة هذه الأيّام يعني قبل كلّ شيء أن الاستثمار في القتل لا يمكن أن يأتي بشرعية لأيّ نظام. أراد حافظ الأسد، وكان إلى جانبه وقتذاك شقيقه رفعت، تأديب السوريين مرّة أخيرة. خدمته مجزرة حماة من 1982 إلى ما بعد مماته. أبقت البركان السوري خامدا نحو ثلاثين سنة. كان على النظام أن يبحث مجددا عن شرعية ما في عهد بشّار الأسد.

كان اندلاع الثورة السورية قبل أقل بقليل من ست سنوات دليلا على أن لا جدوى من هذا البحث. هذا يفسّر إلى حدّ كبير هذا الانقلاب في الأدوار بين النظام وداعميه. في الماضي، كان النظام يبتز روسيا وقبل ذلك الاتحاد السوفياتي. كان يبتز إيران وإيران تبتزه. كان يبتز العـرب، خصوصا أهل الخليج في كلّ وقت. ما نجده الآن أن روسيا، التي تعرف قبل غيرها، أن النظام لم يعد يصلح سوى ورقة في لعبة كبيرة لم يعد له من مبرر وجود باستثناء أنّه يمكن أن يستخدم في صفقة مع الإدارة الأميركية الجديدة.

لاحقت لعنة حماة النظام طويلا. لم يستطع التخلّص منها يوما. لن يستطيع في 2017 التخلص من لعنة سوريا، بعدما صارت سوريا كلّها حماة. أراد حافظ الأسد ما حلّ بحماة أن يكون درسا للسوريين. تبيّن أن السوريين ليسوا على استعداد للتعلّم من هذا الدرس وأن 35 سنة لم تكن كافية كي يمحوا المدينة من ذاكرتهم الفردية والجماعية… لم يعطوا ولن يعطوا يوما شرعية للنظام، لا في عهد الأب ولا في عهد الابن.

المصدر: جريدة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من لعنة حماة إلى لعنة سوريا من لعنة حماة إلى لعنة سوريا



GMT 11:33 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 12:51 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة... في ظل بلبلة إيرانيّة!

GMT 09:19 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

GMT 21:09 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان اليوم التالي.. تصوّر إيران لدور الحزب

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:38 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن مهاجمة قاعدتين إسرائيليتين وتجمعات للجنود
المغرب اليوم - حزب الله يعلن مهاجمة قاعدتين إسرائيليتين وتجمعات للجنود

GMT 08:08 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
المغرب اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 10:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
المغرب اليوم - شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 02:06 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

استمرار الصراع في الشرق الأوسط يقود أسعار النفط للارتفاع

GMT 03:16 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إصابة تحرم نادي الرجاء من الزنيتي

GMT 02:40 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الصناعة السعودية تطرح 7 رخص كشف تعديني للمنافسة

GMT 09:21 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليزي بطرس تطرح منزلها للبيع بمبلغ 4 مليون دولار

GMT 09:47 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 05:52 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

وزير الداخلية يكشف تفاصيل خطة مساعدة المتضررين من البرد

GMT 23:46 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إندونيسيات يتدربن على الرماية للدفاع عن ارتداء النقاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib