بقلم : المختار الغزيوي
المشهد الأول
محجبة رفقة شقيقها يتحدثان لإي تيلي: “خرجنا مع الوالدة لكي نشاهد الشهب الاصطناعية بمناسبة العيد الوطني، فجأة وقع ماوقع، وجدتها قربي مسجاة، حاولنا أن نسارع بتدليك قلبها لكنه توقف، الله يرحمها”.
المشهد الثاني
تجري امرأة في الثلاثين من عمرها وهي تدفع أمامها الصبي الصغير في عربة الأطفال. تصرخ، تولول، لا تجد ماتقوله سوى “أنقذوني، أنقذوني” وهي لا تعرف إلى أين هي هاربة
المشهد الثالث:
يتصل أب مغربي من فاس بابنه الذي يوجد في عطلة رفقة زوجته وطفليهما في نيس. يسأله “هل كل شيء بخير؟”. يجيبه الإبن “نعم كل شيء بخير لنا، لكن بالنسبة لنيس وفرنسا والعالم، الأشياء سيئة جدا يا أبي، الله وحده يعلم إلى أين نحن ذاهبون”.
المشهد الرابع:
في جادة الإنجليز، رقعة نيس الأولى للتملي في البحر ثم الاختباء في المقاهي والمطاعم المطلة على المكان، يقول سائح سعودي لزوجته “علينا أن نعود إلى بلادنا بسرعة، سيرمقوننا شزرا، وسيتهموننا أننا السبب وإن كنا أبرياء، لهم الحق في ذلك”
المشد الخامس والسادس والمالانهاية
مرة أخرى تريق الجهالة على المكان دماء كثيرة، وفي الأسفلت عبق موت مريع. عائلات لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد لا بداعش، ولا هولاند ولا بفرنسا ولا بسوريا ولا بالرقة ولا بالعراق ولا ببوش، ولا بغزو الكويت، ولا بالطالبان، ولا بأفغانستان ولا بمن مول الإرهابيين ورعاهم إلى أن أصبحوا هكذا : لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة، تجدهم في كل مكان بيننا وتنتظر فقط يوما يقتلون فيه لك عزيزا أو يقتلونك أنت ويستريحون
يعلنون التهليل والتكبير بأكبر قدر ممكن من الغباء ويرفعون آيات الهراء، ويشاهدون حوريات الكبت في الجنة وسيلة للتعويض عن عقد الدنيا التي اعتبروها عدوة لهم منذ اللحظات الأولى للمجيء
سيقول لك القائل “ومن أدراك إنهم مسلمون؟ ومن قال لك إنها ليست مؤامرة على هذا الدين؟”
ترغب في أن تقول له إلى أين يجب أن يمضي هو وهذا الكلام التافه الذي يردده الأغبياء. ثم تصمت. ترى العيد الوطني في فرنسا وقد تحول إلى مأتم، وتعلم أن القادمات أسوأ بكثير، وأن الجميع سيتفق على أن جنسا بشريا دون من عداه يجب أن ينقرض يسمى المسلمين
عبثا ستحاول أن تشرح لأصدقاءك من الأجانب، يهودا ومسيحيين ومجوسا وعبدة نار وملحدين وبوذيين ولا دينيين أن الإسلام لم يوصنا أبدا بقتل الأطفال وأمهاتهم بشاحنة كبيرة والصراخ “الله أكبر”.
لكن لا أحد سيقتنع. أصلا لا أحد يريد الإنصات ولا أحد أصبح قادرا على التصديق أكثر أن الحكاية لا علاقة لها بنا نحن من نسمى المسلمين
في المكان الأول للحياة أناس يستهدفون العيش ونبضه. يخرجون الفتاوى ليل نهار عساها تقنع الكل أن الحل الوحيد هو أن ننفجر جماعة في وجه بعضنا وأن ننتهي في إطار “بومرانغ” آخر إضافي من كل هاته الترهات.
تتلمس قرب صدرك مكمن القلب، تسأله “كم سيتركون لك من الوقت الإضافي للنبض أصحبا القلوب الميتة هؤلاء؟”
مشهد أخير:
لن يجيبك أحد، لن يجيبك قلبك، لن تجيبك بقية الحواس. ففي المكان موت عام قرر أن يعلن نفسه اليوم شريعة في العالم ولتذهب بقية الأشياء إلى الجحيم…