بقلم: أسامة الرنتيسي
مع أنّ خيبة الأمل لا تصنع سياسةً، لكنّ المتابع للحياة السياسية في الأردن يشعر بخيبة أمل من كل شيء. فالأداء الحكومي والنيابي والحزبي- وحتى الحراك- مرتبك وفاقد للبوصلة الحقيقية، ولا يدري المرء إلى أين تسير الأمور؛ الكل في حالة انتظار وترقب، والكل يضع يده على قلبه من قابل الأيام.
الحكومة لا تخرج من أزمة إلا وتدخل في أخرى، وكأنها فعلًا تبحث عن الأزمات وتخلقها. وحتى عندما “تخطف” الدولة شخصًا من صفوف المعارضة لتسلمه حقيبة وزارية نشعر في البداية بحالة من الغبطة، ونتوهم أن الأمور ماضية في الطريق السليم، لكن ما هي أيامًا حتى نكتشف أن صاحبنا المتطرف في المعارضة ليس إلا وزيرًا بعقلية عرفية أكثر من الذين عاشوا مرحلة العرفية وكانوا من رجالاتها البارزين.
لا أحد يدري ماذا يفعل المنصب الحكومي في الشخصيات السياسية المعارضة، وكيف يتحول بعثي قديم إلى وزير داخلية عرفي، ويتحول يساري إلى أكثر الوزراء يمينية، ويبيع الإسلامي مبادئه عند أول تكويع.
مجلس النواب، أيضًا، يعمل عكس عقارب الزمن، يتلقى الضربات من كل اتجاه، والأدهى والأمرّ أنه يشارك في تخريب سمعته نتيجة أخطاء مجانية يقع فيها بعض النواب.
المعارضة؛ بكافة تلاوينها، الأحزاب التقليدية تائهون لا يعرفون ماذا يفعلون وانحشروا فعلًا في فكرة “أحزاب الخمسين الفا”، ولم يعودوا يقدموا في الحالة السياسية شيئا، حتى صيغة البيان التي لم يعودوا يملكون سواها، أصبحوا بخيلين فيها، وإن صدر عنهم بيانات لا تختلف في لغتها عن لغة الخطاب الرسمي، أُطالب وأوضّح وأستنكر وأُعرب….
المعارضة الجديدة من دون أحزاب وأشكال منظمة، ليس لديها اي برنامج للمعارضة فقط عمل يومي وتعليقات على الأحداث.
المتطرفون والراديكاليون يصدرون البيانات والفيديوهات ولكن لا أحد يشتري بضاعتهم، فهم يصعدون فورا على الشجرة ولا يعرفون كيف يهبطون عنها.
في شيء غلط في البلد، كأن المسبحة انفرطت مرة واحدة، كل يوم قضية جديدة تغلق الباب على القضية السابقة، كأن البلد فقد حجابه.
بالأمس عشنا مع قضية دَهْمِ مكتبِ نائبٍ، وتفرعت الأخبار حول مخدرات أو قضية فساد، او ملف البشير، اليوم منذ الصباح، اعتصام أمام وزارة البلديات للمطالبة بحقوق الموظفين، واعتصام أمام وزارة التربية لطلبة التوجيهي احتجاجا على نظام الامتحانات.
نحتاج لهدوء مدة 24 ساعة فقط، من دون اخبار عن التعديل الوزاري والعفو العام التي اتمنى ان لا يحدثا.
الدايم الله….