بقلم - أسامة الرنتيسي
أضم صوتي بحماس شديد إلى صوت الكبير محمد داودية بضرورة بناء جبهة ضدَّ التلفيق والتزوير والظلامية.
فقد بلغ السيل الزبى، ومن يراقب وسائل التواصل الاجتماعي في الأزمات، يكتشف العقلية الرجعية التي تقودنا في اللحظات الصعبة.
الاسبوع الماضي، ومنذ تشكيل حكومة الدكتور الرزاز تبعها تعيين العيسوي رئيسًا للديوان المَلِكي حظيت وسائل التواصل الاجتماعي وتعليقات الدهماء على قُبح لم نشهده في مراحل عديدة، وطعن وصل إلى تمزيق كل ما هو جميل في لوحة الفسيفساء التي تجمعنا.
للأسف الشديد؛ كانت اللغة في بعض التعليقات والبوستات لغة منحطة، سوقية، عفنة، تنم عن عقليات مريضة بداء الكراهية والحقد، وأمر شفائها مستحيل بنسبة لا تقل عن 100%.
معقول أن تصل الأمور إلى التفكير فورًا بأصل ومنبت كل شخصية تعتلي منصبًا رسميًا، وباختراق حياته الخاصة.
معقول أن تكون عملية اغتيال الشخصية لأي إنسان بكل هذه السهولة والبؤس؟!.
لِمَ تخرج كل هذه الأوساخ في لحظات حرجة نحن في أمس الحاجة إلى التضامن والتعاضد حتى نحمي مجتمعنا، وننثر فيه الحب والفرح والأمان، بدل العنجهيات الفارغة، والأمراض المزمنة.
لنرعوي قليلًا، خاصة الذين يحملون سيوفهم الخشبية في وسائل الإعلام الحديثة، في الفيس بوك وتوتير، ويمارسون أبشع أصناف الحقد والكراهية واللغة البذيئة، ليس فقط ضدَّ من يعارضون أفكارهم، بل من لا يعجبهم شكله وأصله.
لقد وصل المستوى في اللغة إلى هبوط لا يمكن معالجته إلا بالبتر وكنس الأوساخ من عقول عفنة، منقوعة بالبؤس والعتمة والضلال والسوء.
نقرأ تعليقات وعبارات منحطة في الفيس بوك والتوتير، نستغرب من أي مستوى تافه خرج أصحابها، ومن أية منظومة أخلاقية ينضحون هذا العفن كله، فنحزن على حالنا نحن الذين نؤمن بحرية الرأي والتعبير وحق الآخر في إبداء رأيه مهما اختلفنا معه، لنكتشف أن لا علاقة بين حرية الرأي وما ينشر في هذه الوسائل ، حتى يدفعنا هؤلاء إلى التشكيك في أصل وجود هذه الوسائل، والهدف من فتحها للعامة من دون أية رقابة قانونية أو أخلافية.
لنتحدث بوضوح وصراحة أكثر؛ عندما تُعالج القضايا الكبرى بأسلوب الطبطبة وبوس اللحى، ويتم التباهي بتجاوز دولة القانون، والحديث عن المحاصصة والجهوية والمناطقية، و”أنا وابن عمي على الغريب..”، وانصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا…، وأسيادُكم في الجاهلية أسيادُكم في الاسلام، فتتوسع لغة الكراهية والحقد والسموم بين نسيج المجتمع، لتكون النتيجة مشاجرات ومُسيّل للدموع.
لا تلعبوا بالنار، فالأعصاب مشدودة على وتر التطرف، نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية أولًا، وفقدان البوصلة ثانيًا، وغياب الحكمة ثالثًا، والقابل المجهول في صفقة القرن رابعًا، فالفوضى لا تحتاج إلّا حجرًا مٍن مجنون، والمجانين كثيرون.
في لحظات الغضب نشعر أن الدول التي مارست تجربة إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي المؤقت او الدائم بدعوى الحفاظ على الأمن القومي، كالصين وإيران وروسيا وكوريا الشمالية وبنجلاديش وأفغانستان، وليبيا، وباكستان، وسورية، وتركيا وغيرها، لم يكن قرار مسؤوليها اعتباطيًا، مع أنه ليس الحل.