القدس؛ عاصمة الدولة الفلسطينية، وعاصمة الكون، شاء من شاء وأبى من أبى.
قد تكون القرارات الهستيرية التي سيتخذها الرئيس الأميركي ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل سبب الصحوة الحقيقية لهذه الأمة التي طحنتها الفرقة والنزاعات والقتل المجاني، عندها سيعرف ترامب وإدارته أن القدس شيء مختلف، فهي أخطر من اقتحام الأقصى، وأخطر من هدمه، وأبعد من إصدار قرار، يلحقه قرار آخر يحذر في مواطنيه من السفر إلى الضفة الغربية والقدس حتى إشعار آخر، وذلك خوفاً على المواطنين الأمريكيين من موجات عنف محتملة، ستشهدها القدس ومناطق الضفة الغربية.
حجم الاستنفار الرسمي العربي، خاصة الأردني من رأس الدولة إلى كل المسؤولين المعنيين بالسيادة والقدس، والتحذيرات التي صدرت على لسان جلالة الملك تؤشر بوضوح إلى أن القادة العرب يعرفون تداعيات هذه القرارات وخطورتها، ويعرفون حجم القدس وأهميتها في الضمير العربي والإنساني عموما.
مهما استمع ترامب إلى نصائح، فإنه سيتمادى في قراراته، لأن منبع قراراته مخطوفة للصوت الصهيوني في العالم، لكنه سيعرف حجم الكارثة التي تسببت بها قراراته عندما ينقلب السحر على الساحر، وتستيقظ هذه الأمة من غفوتها.
لعلنا نستذكر محاولة إحراق المسجد الأقصى بتأريخ ١٩٦٩/٩/٢١ عقب احتلال القدس بنحو سنتين على يدي السائح اليهودي مايكل وينيس.
حينها قالت جولدا مئير رئيسة وزراء إسرائيل: ” لم أنم ليلتها وأنا أتخيل أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجاً من كل صوب .. لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة “
قد ترفع قرارات ترامب المنتظرة القادة العرب المشغولين بهمومهم السخيفة، والغارقين في وحل النزاعات الضيقة، والمنساقين في تحالفات بعيدة عن القضية الرئيسية، القضية الفلسطينية، أن يعودوا إلى ضمائرهم وتطلعات شعوبهم العربية الذين لا يمكن أن تخطئ بوصلتهم اتجاهها.
قبل عشرات السنين قالها الشاعر العربي الكبير مظفر النواب في قصيدة الملحمة الأساطيل.. بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة
… إيه الأساطيل لا ترهبوها
قفوا لو عراة كما لو خلقتم
وسدوا المنافذ في وجهها
والقرى والسواحل والأرصفة
انسفوا ما استطعتم إليه الوصول
من الأجنبي المجازف واستبشروا العاصفة
مرحبا أيها العاصفة..
مرحبا…مرحبا…مرحبا أيها العاصفة
مرحبا أيها العاصفة…
ارقوا أطقم القمع من خلفكم
فالأساطيل والقمع شيء يكمل شيئا
كما يتنامى الكساد على عملة تالفة
بالدبابيس والصمغ هذي الدمى الوطنية واقفة
قربا النار منها
لا تخدعوا إنها تتغير
لا يتغير منها سوى الأغلفة
مرحبا …مرحبا أيها العاصفة
أيها الشعب احش المنافذ بالنار
أشعل مياه الخليج
تسلح…
وعلم صغارك نقل العتاد كما ينطقون
إذا جاشت العاطفة
لا تخف…لا تخف…
نصبوا حاملات الصواريخ
نصبوا جوعك
ضع قبضتك على الساحل العربي
وصدرك والبندقية والشفة الناشفة
رب هذا الخليج..
جماهيره
لا الحكومات… لا الراجعون إلى الخلف
لا الأطلسي ولا الآخرون وان ضحوا فلسفة
لا تخف… لا تخف…إننا أمة
-لو جهنم صبت على رأسها -واقفة
محنى الدهر قامتها أبدا
إنما تنحني لتعين المقادير إن سقطت أن تقوم
تتم مهماتها الهادفة
يا حفاة العرب…يا حفاة العجم…
ادفعوا الهدي البشري المسلح
ضحكوا على عنق السفن الأجنبية
الووا مدافعها في ادعاءاتها الزائفة
حشدوا النفط
فالنفط يعرف كيف يقاتل حين تطول الحروب
وقد يتقن الضربة الخاطفة
يا جنود العرب ….
يا جنود العجم….
أيها الجند
ليس هنا ساحة الحرب
بل ساحة الالتحام لدك الطغاة
وتصفية لدك بقايا عروش
توسخ في نفسها خائفة
أيها الجند
بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة
حطموها على قحف أصحابها
اعتمدوا القلب
فالقلب يرف مهما الرياح الدنيئة سيئة جارفة