بقلم - أسامة الرنتيسي
لا يتخذ مجلس التعليم العالي الذي يتولى رسم السياسة العامة لقطاع التعليم العالي في الأردن قرارات جريئة مرتبطة بواقع التعليم العالي ومخرجاته، ولا بمدى حاجة السوق، ولا درجة التشبع الذي وصل إليه في تخصصات معينة، ويعمل على قاعدة التسكين وإدارة العملية التعليمية، وإبقاء الحال على ما هي عليه.
واقع التعليم العالي في الأردن، منذ سنوات ينذر بكوارث، طبعا هذا ليس تقويم شخصي مني، لكنه محصلة آراء وزراء تعليم عال رفعوا الصوت عاليا.. لكن ما من مستجيب.
بوضوح أكثر، لو فكر مجلس التعليم العالي باتخاذ قرارات جريئة وحاسمة بتجميد تخصصات مدة عشر سنوات، حتى يستعيد العرض والطلب في السوق عافيته، ما هو الضير في ذلك؟.
مثلا؛ تخصص الصحافة والإعلام، الذي كان محتكرا في جامعة اليرموك عدة سنوات، وبعد ذلك استحدثته جامعة البنات قبل أن تتحول إلى البترا، وتبعتها جامعات أخرى، الزرقاء الأهلية، وفيلادلفيا، وتوسع التخصص لدرجة الماجستير، ودخل المعهد الإعلامي على الخط، وتكاثر العرض من خلال كليات تدريبية أخرى مثل الكلية الأسترالية وغيرها، مع أن سوق العمل في هذا التخصص في أضيق حالاته، فلا توجد مؤسسات تشغل الخريجين، ولا حتى تقبلهم متدربين، والصحافة بشكل عام في حالة انهيار، اذا لم تصل الحال إلى اختفاء المهنة أمام الإعلام الحديث، واختراع المواطن الصحافي، ووسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك انخفض الطلب في دول الخليج بصورة واضحة، لا بل تذهب الأمور إلى التقليص، وليس تعيين الجدد، ولم يعد خريج الصحافة والإعلام مطلوبا في أي عمل.
تخصص المحاسبة، الذي توسع بشكل لافت للنظر في السنوات الأخيرة، وأصبح الاقبال على هذا التخصص يفوق الخيال، وارتفعت علامات القبول لتتجاوز معدل الـ 90 في الثانوية العامة، وتكاثر الخريجون بنسب أعلى بكثير من حاجة السوق والأسواق العربية الجاذبة للعمل، رافق ذلك كمون في عجلة العمل والاقتصاد، ولم يعد صاحب التخصص مطلوبا.
دراسة حالة السوق وحجم التشبع من التخصصات مهمات أولية أمام مجلس التعليم العالي، وإذا قرر تجميد تخصصات معينة فإن ذلك يعطي حيوية لهذا المجلس واستراتيجيات عمله.