بقلم - أسامة الرنتيسي
فشل عشرون نائبا من أعضاء مجلس النواب في سبتمبر 2014 فشلا ذريعا في تمرير تعديل على قانون العقوبات ضمنوه جرم التحرش.
والسبب باختصار أن التحرُّش ليست ظاهرة في الأردن، وأدَّعي بضمير مرتاح، أنها غير موجودة إلى درجة إشغال العامة والسياسيين بالبحث عن قانون يجرم فاعلها.
بعد فشل النواب، جاء دور الإعلام، ولأن القضية مثيرة وتلقى رواجا طاغيا، فقد اشتغل عليها تلفزيون ألماني DW واستضاف في حلقة حول أبناء الأردنيات فتاة ادعت بأنها تعرضت للتحرش، وبعد أن ذهبت للأجهزة الأمنية لتقديم شكوى تحرش بها رجل أمن.
هذه الرواية استفزت ضيف البرنامج النائب السابق محمود الخرابشة ودفعته إلى مغادرة البرنامج بعد مشادة مع مقدمه.
قضية التحرش موضة في زمن الربيع العربي، والحديث الواسع عن قضايا التحرّش التي وقعت في مصر وغيرها، أدت إلى تدحرج القضية إلى أن وصلت إلينا.
هذا لا يعني عدم وجود لوبيات تدفع تجاه إقرار تعديل تشريعي، وهناك معلومات متداولة عن أن مساهمة مالية وصلت لمراكز تتعامل مع التمويل الأجنبي من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى 150 ألف دولار استلمها مركز دراسات جديد من المعهد الديمقراطي الأميركي لتبنّي مقترحات تشريعية جديدة من بينها التحرّش.
المذكرة النيباية بررت الطلب لإيقاع عقوبات رادعة للحد من هذه الظاهرة، وعرّفت التحرّش مستندة إلى تعريفه في بعض الدول: ‘ انتكاس جنسي غير مرغوب يُشعر الشخص المتحرَّش به بالإهانة او التهديد أو الإذلال، قد يكون واضحًا او غير مباشر، جسديًا أو لفظيًا، كما قد يشمل الأشخاص من النوع نفسه، وليس شرطًا أن يكون ضد شخص من النوع الآخر’.
لا أحد في الأردن يستطيع أن يزعم ان التحرش أصبح ظاهرة في الأردن كما جاء في المذكرة، وحتى الحادثة اليتيمة التي تم الترويج لها في تلك الفترة المتعلقة بصبيتين في مدينة إربد، تَبيَّن في الأخير أن الشريط المصور الذي حاز على أعلى المشاهدات في تلك الفترة، مزور وغير حقيقي.
الحديث عن ظاهرة التحرّش في الأردن، مثل الحديث عن جرائم الشرف، وهما بكل الأحوال جرائم مرفوضة ومدانة، مهما بلغ عددها، قلَّت أم كثرت، لكن لا يبيع تجار التمويل الأجنبي بضائعهم علينا بأنهم يريدون تصحيح الأحوال الاجتماعية وتعزيز بنية الحريات العامة القانونية وحقوق الإنسان، وتمكين المرأة.