فرنسا قصة مسيرتين
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

فرنسا: قصة مسيرتين

المغرب اليوم -

فرنسا قصة مسيرتين

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

بعد أسبوع من انطلاق مسيرة بباريس دعماً لـ«القضية الفلسطينية»، استضافت العاصمة الفرنسية مسيرة أخرى، لكن هذه المرة ضد معاداة السامية.

وربما تقنع المسيرتان، اللتان أثارتهما الحرب المستمرة في غزة، الفرنسيين بإلقاء نظرة فاحصة على الرسائل التي تحملها المسيرتان، وتأثيرها على المشهد السياسي الفرنسي.

ورغم نفي منظميها من الأحزاب اليسارية واليسارية المتطرفة، أبدت المسيرة الأولى التي سارت على الضفة اليمنى لنهر السين، عداءً واضحاً لإسرائيل، وتضمنت بعض الأحيان نغمات معادية للسامية.

أما المسيرة الثانية، التي خرجت الأحد الماضي، فقد نظمها رئيس مجلس الشيوخ جيرارد لارشيه، ورئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيت، وكلاهما من تيار اليمين، واللذان أصرّا على أن المسيرة لم تكن تهدف إلى إظهار الدعم لحرب إسرائيل في غزة، وإنما الدفاع عن الجمهورية.

وعلى الضفة اليسرى لنهر السين، حيث عكف المثقفون الفرنسيون على مناقشة مصير البشرية على امتداد أجيال، اجتذبت مسيرة الأحد، التي حضرتُها بوصفي مراسلاً، أكثر من 100.000 شخص، ما يزيد بخمسة أضعاف على المسيرة الداعمة لفلسطين.

وتماشياً مع أسلوبه المعتاد في التعبير عن الوسطية، قرر الرئيس إيمانويل ماكرون الامتناع عن المشاركة بأي من المظاهرتين، متبعاً بذلك أسلوب باراك أوباما المتمثل في «القيادة من الخلف».

وبدت مظاهرة الأحد أكثر شمولاً عن الأخرى التي انطلقت السبت.

وتميزت بمشاركة العديد من الشخصيات اليسارية، إلى جانب رئيسَين سابقين للجمهورية، فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي، وعشرات الوزراء بقيادة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، ومعظم أعضاء مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية.

اللافت كان مشاركة كثير من الشخصيات المسلمة، وبينهم أئمة مساجد تجاهلوا «نصيحة» إمام المسجد الكبير في باريس بعدم الحضور. وأعلن مسؤولو المسجد الكبير أنهم يفضلون المشاركة في مسيرة «ضد كل أشكال العنصرية، بما في ذلك الإسلاموفوبيا». ويعني ذلك ضمنياً أن هؤلاء المسؤولين ينظرون إلى اليهودية والإسلام بوصفهما كيانين يخصان مجموعتين ترتبطان بعنصرين محددين من البشر، وليسا ديانتين.

بجانب ذلك، شارك ممثلو الديانات الأخرى في فرنسا، من البوذية إلى اليهودية والكاثوليكية، بالمسيرة.

وقاطع زعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلينشون، المظاهرة؛ لأنها ضمت زعيم حزب التجمع الوطني، المنتمي لليمين المتطرف. ومع ذلك، فقد رحب ميلينشون نفسه بمشاركة لوبان في مظاهرة حضرها ضد إصلاح قانون التقاعد، في وقت سابق من العام.

وفيما يمكن أن يراه البعض أصوليةً علمانيةً، قاطع عدد قليل من المثقفين اليساريين المسيرة، ذلك أنهم رأوا في غزة حرباً بين ديانتين متنافستين.

وتضمنت مظاهرة (الأحد) عدداً أقل مما يطلق عليه الفرنسيون «الأقليات المرئية»، بينما شارك عدد أكبر من أبناء المقاطعات. كما شاركت أعداد أقل من المتظاهرين شبه المهنيين، بينما كان هناك عدد أكبر من المشاهير من مختلف الفئات.

وبدا المشاركون الذين تحدثنا إليهم في كلتا المظاهرتين عاجزين عن التمييز بين ما يعدّ قضية جيوسياسية وما يتصورون أنه صراع حضارات.

ولم يكونوا على استعداد للاعتراف بأن معاداة السامية شر تتجاوز تداعياته قضايا عابرة، مثل حرب غزة أو الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.

الواضح أنهم أُصيبوا بالشلل تحت تأثير التفكير الجماعي، ما جعلهم عاجزين عن تصور إمكانية وجود موقف به ضحيتان تؤذيان بعضهما البعض. للبعض منهم، ما دام أحد الطرفين لديه شكوى مشروعة، فليس من المهم كيف يحاول معالجة هذه الشكوى.

في الواقع، كانت معاداة السامية ولا تزال قضية حية داخل فرنسا.

جدير بالذكر أن فرنسا كانت أول دولة تشهد مثالاً ملموساً لمعاداة السامية على مستوى الدولة، في قضية دريفوس عام 1894. وفي عام 1936، وقّعت فرنسا اتفاقية مع ألمانيا النازية مهّدت الطريق لتعاون لاحق في ظل الاحتلال، وتضمن التعاون اعتقال الآلاف من اليهود لترحيلهم غرض استغلالهم في العمل القسري، ثم جرى نقلهم في النهاية إلى معسكرات الموت داخل الإمبراطورية النازية.

ومنذ ذلك الحين، لم يمر عام تقريباً في فرنسا دون أن تتصدر بعض الأعمال المعادية للسامية عناوين الأخبار. ولا يرتبط سوى القليل من هذا التاريخ بالقضية الإسرائيلية ـ الفلسطينية، رغم أنه كثيراً ما جرى استخدامها في السنوات الأخيرة من قبل النازيين الجدد و/أو النشطاء المناهضين لإسرائيل بوصفها ذريعة.

ويتألف الناخبون الفرنسيون المعادون للسامية، في الجزء الأكبر، حسبما يتجلى في «مجموعة العمل الفرنسي»، من أفراد وجماعات تكره العرب والمسلمين واليهود، ناهيك عن السود والأمهات العازبات والمثليين.

وبسبب حرب غزة، شهدت الحوادث المعادية للسامية ارتفاعاً كبيراً، وحتى وقت كتابة هذه السطور، تقدر هذه الحوادث بأكثر من 1300 حادثة في شهر واحد.

الواضح أن معاداة السامية ليست نتيجة ثانوية للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وإنما شر في حد ذاته، وتهديد لما يدعي حتى ماكرون أنه يؤيدها بوصفها «قيم حضارتنا».

من جهتهم، سعى البعض إلى التقليل من شأن هذا التهديد، من خلال تقديم معاداة السامية بوصفها شكلاً آخر من أشكال الخوف المرضي من الآخر، أو ضمنياً على الأقل، مسعى لإعادة التأكيد على التماثل أو الوحدة الوطنية.

ومع ذلك، فإن هذا يرقى إلى تغليف الكراهية الفظة في غلاف فلسفي، حيث تتفوق الجماليات الفكرية على الأخلاق.

من ناحيتها، عانت الأمم المتحدة من الشلل، جراء المواقف السياسية التافهة، وقد أخفقت في تعريف معاداة السامية بوصفها تهديداً «للقيم العالمية»، علاوة على سماحها لبعض أعضائها بتضمين استعارات معادية للسامية في خطاباتهم.

في الواقع، من الخطأ الاعتقاد بأن معاداة السامية لا تعني سوى اليهود.

الحقيقة أنه ليس من الضروري أن تكون من أنصار إسرائيل كي تعارض معاداة السامية. وهناك بعض الأصوليين المسيحيين الداعمين لإسرائيل، لكنهم معادون للسامية. كما أن هناك طوائف يهودية معادية لإسرائيل، إلا أنها غير معادية للسامية.

تشكّل معاداة السامية تحدياً للمبادئ الأساسية لما يمكن أن نسميه الحضارة الحديثة، ذلك أنها تنكر وجود البشر بوصفهم أفراداً يتمتعون بحقوق راسخة تتجاوز الخلفيات الدينية والعرقية والعنصرية وغيرها. وتقضي معاداة السامية على مفهوم المواطنة بوصفها أساساً للعلاقة بين الفرد والدولة.

أيضاً، تمثل معاداة السامية انتهاكاً للمبدأ الذي بموجبه لا يمكن قبول الذنب بالتبعية والعقاب الجماعي. والأسوأ من ذلك أن معاداة السامية ترفض مبدأ افتراض البراءة حتى تثبت الإدانة من قبل محكمة، وبالتالي فإنها تقوض جذور الأنظمة القانونية المتحضرة.

تشدد معاداة السامية على الفكرة الهمجية للخطيئة الموروثة المتخيلة والتي بموجبها، كما قال إليوت، يجب أن تراق دماء الأطفال للتكفير عن ذنب الأب. وتعيدنا معاداة السامية، بذلك، إلى المفهوم اليوناني القديم لكبش الفداء بوصفه رمزاً للخطيئة الجماعية التي تطهر تضحياتها المجتمع، وتؤذن ببداية جديدة. من جهتها، دمّرت المسيحية هذا المفهوم من خلال مفهوم منافس يقوم على فكرة كبش الفداء البريء.

كانت مظاهرة الأحد الأكبر في فرنسا منذ عام 1990، والأولى التي تعلن رفضها على وجه التحديد لمعاداة السامية. ومن ناحيتها، قالت رئيسة الجمعية الوطنية، براون بيفيه، إن المظاهرة سعت إلى إظهار وجود أغلبية صامتة ترى أن معاداة السامية تشكل تهديداً للجمهورية الفرنسية ـ وهي على حق.

وتُعَدُّ مظاهرة الأحد بدايةً جيدةً للتعامل مع الأمر على حقيقته: شر يهددنا جميعاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا قصة مسيرتين فرنسا قصة مسيرتين



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:38 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
المغرب اليوم - وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل

GMT 01:44 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"جونستون أند مارفي" أهم ماركات الأحذية الرجالية الفريدة

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib