الصهيونيّة المتقلّصة والصهيونيّة المتمدّدة
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

الصهيونيّة المتقلّصة والصهيونيّة المتمدّدة

المغرب اليوم -

الصهيونيّة المتقلّصة والصهيونيّة المتمدّدة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

بعد عمليّة السابع من أكتوبر، باتت الصهيونيّة موضوعاً لقراءتين ولتوقّعين:

– إمّا الحسم بفشلها كعلاج للمسألة اليهوديّة، علاجٍ قيل أنّه وحده ما يضمن لليهود وطناً ودولة يحميان أمنهم وفيهما يحرزون شروط الاستقرار والنماء،

– أو تجديدها بعد أن تُعزَّز بمزيد من الأنياب التي تمتّن ذاك العلاج، كما بيقين أكبر بأنّ ما من بديل لها، سيّما وأنّ أمن اليهود خارج دولتها بات هو الآخر أقلّ ممّا كان.

والحال أنّ عالم اليوم يحفل بعناصر عدّة تجعل الصهيونيّة، والقوميّة عموماً، مسألة مُتَخَطّاة: من عولمة الاقتصاد إلى عولمة مسائل البيئة، ومن قيام مؤسّسات دوليّة إلى مكافحة أنواع من الجرائم عابرة الحدود...

ثمّ إنّ التخطّي هذا إذا صحّ في القوميّة ككلٍّ، فهو أكثر صحّة في حالة الصهيونيّة، ليس فقط لأنّها طردت شعباً وأحلّت محلّه شعباً آخر آثرت عدم الاعتراف بوجوده، بل أيضاً لأنّها من صنف «القوميّة الجماعاتيّة» (communitarian nationalism) التي تتضارب تعريفاً مع اشتغال التعدّديّة الثقافيّة ومع غلبة الروابط المدنيّة (civic) والعمل بموجب حقوق الإنسان وباقي القيم الكونيّة...

لكنّ التخطّي، مع هذا، يبقى تخطّياً نظريّاً. ذاك أنّ العالم الذي يتجاوز هذا النمط من القوميّات إنّما يؤكّده في الوقت نفسه ويكرّسه. فهو يتجاوزه في العلاقات الماديّة فيما يؤكّده في الوعي، الأمر الذي يعبّر عنه الإجماع الراهن حول عيشنا في زمن الهويّات المصحوب بتحوّل كونيّ متسارع إلى لون من القَبَليّة.

هكذا نجدنا أمام مفارقة كبرى هي أنّ الصهيونيّة، المتخَطَّاة نظريّاً، تغدو مثالاً لسواها ممّن يُغريهم اعتناق عقائد تشبه الصهيونيّة، أو إقامة دول تشبه إسرائيل.

وأغلب الظنّ أنّ الرغبة في تفكيك الصهيونيّة، وهي رغبة شرعيّة وتقدّميّة في آن، لن تغدو فعليّة إلاّ في حال انحسار الفورة الهويّاتيّة والقَبَليّة على نطاق عالميّ، وفي منطقتنا على الأخصّ. تكفي العودة إلى عقود قليلة لإقناعنا بأنّ فورة الهويّاتيّة والقَبَليّة، بالصهيونيّ فيها وبما هو مضادّ للصهيونيّة، كانت ولاّدة حروب مفتوحة وكوارث متمادية.

ويجوز القول، في المقابل، إنّ الانفراجات السياسيّة، وتالياً الفكريّة والإيديولوجيّة، هي أكثر ما يقصّر عمر الصهيونيّة. فنحن نعرف، مثلاً لا حصراً، كيف أنّ المناخ الذي افتتحته اتّفاقيّة أوسلو في 1993 أنجب ظاهرة «ما بعد الصهيونيّة» ومعها مراجعات «المؤرّخين الجدد» ممّن قدّموا الحجج التاريخيّة الأصلب على تلازم الاقتلاع والطرد مع نكبة 1948. ونعرف أيضاً أنّ ما قتل اقتراح الدولة الواحدة للعرب واليهود في فلسطين التاريخيّة، وما يتأدّى عنها من قيام أكثريّة عدديّة عربيّة وأقلّيّة يهوديّة، هو بالضبط أنّ المنطقة كلّها غارقة في صراعات الأكثريّات والأقلّيّات والتعويل على العدد سلاحاً لفضّ النزاعات. وهكذا سوف يستحيل على اليهوديّ الإسرائيليّ، حتّى لو كان معتدلاً، أن يقبل بحلّ كهذا فيما هو يلمس في جواره المخاوف التي يتبادلها السنّيّ والشيعيّ، والعربيّ والكرديّ، والمسلم والمسيحيّ...، والمرشّحة أن تنقلب دوماً إلى موت ودمار. وبالتأكيد لو كُتب النجاح لتجربة ديمقراطيّة وعلمانيّة واحدة في المنطقة العربيّة لبدت العدوانيّة الصهيونيّة أشدّ مجافاة للعصر وأكثر حَرَجاً بعدوانيّتها.

ولن يكون من المبالغة افتراض أنّ كلّ تشدّد في الروابط الهويّاتيّة إنّما هو هديّةٌ صافية مصفّاة للصهيونيّة، وتزكية لأشدّ «حلولها» دمويّة وبربريّة ممّا نراه اليوم. يصحّ هذا في القوميّة العربيّة كما يصحّ في الإسلام السياسيّ أو في أيّة نزعة من هذا القبيل. وكما أنّ جنوح الصهيونيّة إلى التطرّف والجنون يدفع تلك الروابط إلى تطرّف وجنون مقابلين، فإنّ العكس صحيح أيضاً. بل ربّما كانت إحدى مِحَن تاريخنا الحديث أنّ الصهيونيّة الإسرائيليّة تُضعف كلّ نقد يمكن أن يوجَّه لحركات حزبيّة وميليشياويّة ترفع رايات قوميّة أو إسلاميّة، بل تقوّي تلك الحركات، تماماً كما أنّ وجود هذه الأخيرة يعطّل كلّ أمل بضمور الصهيونيّة أو تآكلها.

ونعرف كيف أنّ نزعات الهويّة لا تعبأ بسواها كما لا تعبأ بأمزجة الزمن، ماضيةً في دفع نفسها والعالم إلى خلاصات قياميّة. فالصهيونيّة مثلاً أنشأت دولتها ضدّاً على موجة نزع الاستعمار، وذلك بعد عام واحد فقط على استقلال الهند، ولم يولد الانقلاب العسكريّ القوميّ العربيّ، المتأثّر آنذاك بالفاشيّة قبل أن يتأثّر بالشيوعيّة السوفياتية، إلاّ بعد هزيمة الفاشيّة في الحرب العالميّة الثانية. أمّا افتتاح التحوّل إلى إسلام سياسيّ حاكم، مع ثورة إيران في 1979، فلازم الانتقال الذي أحدثه أنور السادات نحو تهدئة المنطقة، فيما كانت تتكاثر الإشارات الدالّة إلى أنّ الحرب الباردة شرعت تستنفد نفسها.

لهذا يلوح أنّ استخلاص الوطنيّة الفلسطينيّة من براثن الهويّات والقَبَليّات هو أكثر ما يصالحها مع مصالح الفلسطينيّين أنفسهم فيما يَقيها، ويَقينا، شرور الروابط الجماعاتيّة، خصوصاً أقدرها على ممارسة الشرّ والأذى، أي الصهيونيّة. وبطبيعة الحال فإنّ انكفاء كهذا نحو الوطنيّات، وخصوصاً الوطنيّة الفلسطينيّة، لا يحصل إلاّ بالتوازي وبالتكافل والتضامن بين المعنيّين بالصراع جميعهم. وهذا، للأسف، ما لا يلوح له اليوم أثرٌ يُذكر، تاركاً إيّانا أمام قدر أكبر من الصهيونيّة ومن مضادّاتها غير الحيويّة، في منطقة تتحوّل قاعاً صفصفاً مرصّعاً بـ»الانتصارات».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصهيونيّة المتقلّصة والصهيونيّة المتمدّدة الصهيونيّة المتقلّصة والصهيونيّة المتمدّدة



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:38 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
المغرب اليوم - وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 17:23 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 13:08 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 26-9-2020

GMT 13:23 2023 الجمعة ,17 آذار/ مارس

"أوبك+" تكشف أسباب انخفاض أسعار النفط

GMT 05:25 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

جنيفر لورانس تعرض شقتها الفاخرة للإيجار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib