في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها

المغرب اليوم -

في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

غالباً ما يكون تشبيه ظاهرات الطغيان والديكتاتوريّة بالنازيّة (أو الفاشيّة) ضرباً من المبالغة، وكثيراً ما تكون المبالغة حمقاء. إلى هذا فالنازيّة (والفاشيّة) أكبر من مجرّد شتيمة وأخطر كثيراً من أن تكون كذلك. لقد كان من عيوب اللغة السياسيّة التي أسّسها ستالين أنّها موّهت معنى المصطلح وضيّعت خصوصيّته حين عمّمت إطلاقه على خصومها كائنين من كانوا وبسبب أو لا سبب.

مع هذا فالتوجّهات العريضة في السياسات الثقافيّة للنازيّة، وكذلك المفاصل الأساسيّة في حياة «زعيمها» كـ «مثقّف»، تقدّم حالة مثلى يمكن القياس عليها اقتراباً أو ابتعاداً. واليوم، مع الشعبويّات وانفجار الهويّات على أنواعها، تتكاثر في العالم كلّه، وفي عداده بالطبع منطقتنا، تلك التوجّهات التي يصحّ أن تُقاس على الحالة المثلى المذكورة، أأدركت ذلك واعيةً أم لم تدركه.

فأدولف هتلر الذي غالباً ما وُصف بـ «الفنّان المحبط» و»الرسّام الفاشل»، وبـ «مهندس العمارة الذي لم يكن»، رفضته الأكاديميّة الفنّيّة في فيينا مرّتين بحجّة نقص موهبته. ومثلما حقد شابّاً على عاصمة الهبسبورغيّين، حيث عاش بين 1906 و1913، كارهاً حداثيّتها وتعقيد حياتها الثقافيّة وحسّ الحرّيّة فيها وتعدّد الأقوام في عالمها الإمبراطوريّ، فإنّه وجد الكثير ممّا يكره في برلين التي انتقل إليها لاحقاً، ككوزموبوليتيّتها إبان جمهورية فايمار وما اعتبره نفوذاً قويّاً يتمتّع به اليهود من قاطنيها.

وبشعار «استيقظي يا ألمانيا»، باشر هتلر هجومه على الحياة الثقافيّة التي يخدّرها اليهود، ومَن سواهم، ولكنْ أيضاً بمشاركة الماركسيّة والبلشفيّة والليبراليّة والدعوات المتفلّتة إلى الحرّيّة والفلتان الإباحيّ، وهذا دون نسيان أدوار شيطانيّة أخرى يلعبها السلاف المنحطّون الغرباء والولايات المتّحدة وهي دائماً رمز الشرّ. وهؤلاء الأعداء الكُثر إنّما يجدون امتدادهم في غالبيّة المثقّفين الألمان الكبار الذين «يحطّمون العائلة» و»يسيئون إلى الأخلاق» و»يُضعفون مناعة الأمّة»، وبعضُ هؤلاء كانوا من أهمّ رموز الإبداع، لا في ألمانيا فحسب، بل في العالم بأسره. ولئن قُتل مثقّفون وانتحر مثقّفون، فقد فرّ منهم من استطاع الفرار من الجحيم النازيّ في أكبر موجات الهجرة الثقافيّة في التاريخ. ولأن الكتب، على عكس الكتّاب، لا تستطيع الفرار، فقد عولجت بالإحراق في استعراضات جماهيريّة وطقسيّة موسّعة. والحال أنّ التهام النار أعمال مؤلّفين ألمان وغير ألمان، ويهود وغير يهود، كان أحد الأعمال المبكرة التي افتُتح بها وصول النازيّين إلى السلطة عام 1933. هكذا بوشر، بغطاء من خطابات جوزيف غوبلز الملتهبة والغضوبة، بتطهير ألمانيا والألمان من كلّ ما يتهدّدهم بالفساد الأخلاقيّ وبتدمير العائلة والتقاليد والقيم.

يومذاك سادت نظريّة نازيّة تقول إنّ الألمانيّ لا يكتسب قناعاته السليمة من الحجج والجدال، أي من إعمال العقل والمنطق، بل يأتي بها من خلال تفجير الطاقات الحيويّة للأمّة. وتوازى ذلك مع نظريّة أخرى ليست أقلّ احتقاراً للعقل، مفادها تمجيد الريف والطبيعة والفطرة والكمال الجسمانيّ والذكورة، ومعها الفولكلور الفلاّحيّ على أنواعه بوصفه مرآة «روحنا وتقاليدنا». فنحن كلّنا عائلة قوميّة واحدة سعيدة ومتأهّبة، نزهو بالدم والتراب والأصل الراقي، ونفخر بالمجتمع بوصفه كلّ شيء فيما ننبذ الفرد بوصفه اللا شيء. وبالطبع لم تقتصد التوتاليتاريّة النازيّة في إصدار أحكام عريضة النطاق تطال كلّ ما تقع عليه اليد والعين: من موقع المرأة بوصفها الأمّ ومدبّرة المطبخ ومرتادة الكنيسة لا أكثر، إلى الموسيقى حيث يحظى ريتشارد فاغنر بكل التمجيد فيما يوصَم أولئك الذين تستهويهم موسيقى الجاز منحطّين مصابين بـ»حبّ الزنوج»...

بلغة أخرى، إذا كانت الثقافة تعبيراً عن حرّية الفرد وخياره، وعن الجوامع بين البشر، فهي، تبعاً للنازيّة، مادّة لتفريق البشر وتبويبهم، ولإخضاع الإنسان واستبعاده. ذاك أنّ ما يحكمها هو اعتبارٌ غير ثقافيّ يوجّهها ويوازي خضوع الفرد للجماعة التي هي، بدورها، خاضعة للزعيم. فالثقافة المقبولة تحدّدها «مصلحة عامّة» ما، أو رؤية قوميّة أو وطنيّة أو دينيّة ما، أو شروط صمود ومواجهة ما، ودائماً وفق التعريف الذي تختاره لتلك المصطلحات المجموعة الحاكمة وزعيم يعاني نقصاً في الموهبة.

وفي هذه الغضون يستطيع «الديكتاتور العظيم»، كما رسمه تشارلي شابلن وسخر منه في 1940، أن يحوّل رداءته كمثقّف إلى سلطة تصنع الحياة الثقافيّة وتعلّم الشعب ما هي قيمه وتقاليده، وكيف ينبغي عليه أن يعيش ويفكّر ويشاهد، كي لا يكون منحطّاً أو خائناً أو غير ذلك ممّا يزخر به قاموس التشهير.

وما الأسطر أعلاه إلاّ بقصد التذكير، خصوصاً أنّ الزعماء يتناسلون بكثرة مدهشة في أيّامنا، من دون أن يكون لدى أيّ منهم ريتشارد فاغنر يأمرنا بالاستماع إليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:38 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
المغرب اليوم - وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل

GMT 01:44 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"جونستون أند مارفي" أهم ماركات الأحذية الرجالية الفريدة

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib