بقلم - طارق الشناوي
مؤخراً أعلن الفنان إياد نصار، ندمه بسبب مشاركته في فيلم (أصحاب ولا أعز)، وأضاف أنه اكتشف غضب الجماهير، ولهذا يتقدم لهم باعتذاره.
من الذي أكد له أن هناك إجماعاً على رفض الفيلم؟ الناس عادة عندما تستهجن شيئاً تسارع بإبداء الرأي، وعندما تستحسن، نادراً ما تعلن على الملأ الرضا والسعادة، ولهذا نجد أنفسنا أمام (ترمومتر) يقيس فقط اتجاهاً واحداً وهو معدل درجات الغضب.
الفيلم عرضته قبل بضعة أشهر منصة (نتفلكس)، وهاجمته بعض الأقلام، وارتفع صوت الرافضين من الجمهور على (السوشيال ميديا)، ثم أصدر نقيب الممثلين المصريين أشرف ذكي، بياناً يدعم الفيلم، ويرفع الظلم عن كل المشاركين فيه.
الفيلم متهم عند قطاع من الجمهور بالترويج للمثلية الجنسية، رغم أنه فقط قدمها كحالة، وأبداً لم يروج لها، ولهذا اعتقدت أن بيان نقيب الممثلين أغلق تماماً القوس المفتوح، ولكن من الواضح أن إياد أعاد فتحه مجدداً.
أدى إياد دور زوج منى زكي، والأحداث تجري في بيروت، وأغلب المشاركين لبنانيون، الغضب الأكبر قطعاً تحملته منى، وهي كعادتها واجهت بشجاعة الكثير وتحملت الكثير، البعض اعتبرها أقدمت على ارتكاب سقطة أخلاقية، طالباً من زوجها أحمد حلمي المسارعة بإعلان الطلاق. إياد كان له نصيب أيضاً من تلك الضربات المباغتة، وأغلبها تحت الحزام. الغضب في مصر تحديداً على (السوشيال ميديا) كان عنيفاً، بينما في لبنان لم أجد أبداً أي مساحة لافتة من الانزعاج... تعاملوا مع الفيلم كشريط سينمائي، قابل فقط للرأي السلبي أو الإيجابي، ولم يحملوه اتهامات خارج النص.
قبل أيام أيضاً قرأنا أن نجماً كبيراً لم يكتف بالتبرؤ من القبلات الساخنة، التي كان يقدمها في أفلامه القديمة، ولكنه برر موقفه منها بأنهم كانوا يستخدمون نوعاً من مطهر الفم (المضمضة) قبل القبلة وبعدها، فهي إذن حلال!!
بين الحين والآخر أقرأ تصريحات، ألاحظ فيها التوجه لإرضاء رجل الشارع، لمجرد أن هناك قطاعاً من الجمهور سارع بإعلان غضبه. إحدى الراقصات، قالت إنها توقفت تماماً عن تصوير هذه المشاهد، لأن أحد النجوم من فرط اندماجه أدمى شفتيها! هل من الممكن فعلياً أن يندمج فنان إلى هذه الدرجة في قبلة، وهناك كاميرا وإضاءة وفريق عمل كامل بالاستوديو؟ الموقف من القبلات تحول إلى سلاح في يد عدد من الفنانات، عندما تسأل (الميديا) إحداهن لماذا لم تحقق النجاح المرتقب مثل باقي زميلاتها؟ تأتي الإجابة السريعة والحاسمة، لأنني أرفض المشاهد الساخنة، فيتم استبعادي من الأفلام.
الوسط الفني مثل كل مهنة به كل الأطياف، لا يمكن اعتبارهم مجرد مجموعة من الشياطين، لا هدف لهم سوى تحطيم الأخلاق.
الاستسلام لكل صوت غاضب أو محافظ خطأ كبير، لأنه يجتزئ من الشريط السينمائي لقطة ويعتبرها هي كل اللقطات. مشكلة إياد نصار أنه فجأة غير قناعاته 180 درجة، وقدم اعتذاراً له مذاق الندم، ولم يدرك أنه يضع كل من شاركوه البطولة في مأزق، كما أنه ورط نقابة الممثلين باعتبارها دافعت عن باطل.
الكثير من قرارات الشخصيات العامة خلال السنوات الأخيرة لمح فيها أنها تسعى لضبط الإيقاع على ما يريده رجل الشارع.
أغلبهم صار يلهث وراء (الشعبوية). ما يريده الناس، أو ما نعتقد أنه يعبر عن قناعات الأغلبية... مثل هذه التصريحات قد ترضي قطاعاً من الناس، إلا أنها بدلاً من أن تطفئ اللهب، تضخ عليه زخات من البنزين، ولا تزال النيران مشتعلة تحت الرماد!!