الحسابات الخاطئة في حرب السودان
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

الحسابات الخاطئة في حرب السودان

المغرب اليوم -

الحسابات الخاطئة في حرب السودان

عثمان ميرغني
بقلم :عثمان ميرغني

في الوقت الذي تقترب فيه جولة الحرب الراهنة في السودان من إكمال شهرها الرابع، لا تزال قطاعات من السودانيين، أو بالأصح من النُّخب، تواصل معاركها الكلامية الطاحنة حولها. ولا يزال الجدل محتدماً حول من أطلق الرصاصة الأولى، ومن المتسبب فيها، ولمصلحة من، وكل طرف يحاول غسل يديه وإلقاء المسؤولية على طرف آخر. فالحرب أصبحت للأسف ساحة جديدة للمناورات السياسية، وتصفية حسابات ليس هذا وقتها.

كثيراً ما أفكر في أن هذه النخب بجدالاتها البيزنطية، انسلخت عن الشارع السوداني وأحدثت شروخاً عميقة بينها وبينه. الناس لا يهتمون في هذه اللحظة بالجدل حول مَن أطلق الرصاصة الأولى، ولا يرون جدوى لمعركة الاتهامات المتبادلة بين قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي (قحت) وفلول النظام السابق من الإسلاميين (الكيزان)، فكل همهم هو وقف الحرب وطرد قوات الدعم السريع من بيوتهم وأحيائهم ومن المؤسسات الخدمية، ومن العاصمة كلياً حتى يعود الأمان، بل وبات أكثرهم يتمنون دحر القوات التي عانوا من ممارساتها وانتهاكاتها أشد المعاناة.

قوى الحرية والتغيير هي الخاسر الأكبر في تقديري، فموقفها من الحرب أفقدها تأييد قطاع مقدر من السودانيين ومنهم من كان يؤيدها بحماس في السابق، وباتوا يتهمونها اليوم بموالاة قوات الدعم السريع. لا يفهم الناس موقفها وهم يرون هذه القوات تعيث فساداً في البلاد وعاصمتها، تدميراً وقتلاً وترويعاً للناس، واحتلال بيوتهم ونهبها. تقشعر أبدانهم وينتفضون غضباً وهم يسمعون قصص وشهادات ضحايا الاغتصاب. يغلي الدم في عروقهم وهم يسمعون أحد قياديي «الدعم السريع» يقول كلاماً عنصرياً مستفزاً في مقطع فيديو بتاريخ الثلاثاء 25 يوليو (تموز) الماضي، ويهدد وهو محاط بالمقاتلين المدججين بالسلاح بأنهم لا ينوون مغادرة الأحياء وبيوت المواطنين التي احتلوها. يقول الرجل متوجهاً بكلامه لسكان أحياء في الخرطوم: «نحن أهل هذه الأرض. والخرطوم هذه حقتنا (ملكنا)... نطلع منها لماذا. نحن لن نطلع منها لأننا الساس والرأس».

يزعم الرجل أن قواتهم (الدعم السريع) ليس فيها تفلت ومتفلتون، بينما الناس في السودان، والعالم كله يعرفون الممارسات والانتهاكات البشعة التي تمارسها هذه القوات. ويزعم أيضاً أن قواتهم يمثل فيها كل أهل السودان وليست فيها تفرقة، و«زرق وحمر»، بينما يشهد العالم بأنهم يقتلون ويهجرون الناس في دارفور على أساس عرقي وقبلي، وينقلون خطابهم العنصري اليوم إلى الخرطوم بممارساتهم فيها.

بالطبع ليس هذا الشخص الوحيد من هذه القوات الذي خرج في تسجيلات صوتية بكلام من شاكلة أنهم لن يغادروا الخرطوم ولا منازل المواطنين التي «وجدوا فيها الراحات والهواء البارد»، على حد قول أحدهم.

الذين يرفعون شعار «لا للحرب» لا يقولون للناس ماذا سيعني هذا الأمر بالنسبة لمستقبل قوات الدعم السريع هل يعني ذلك عودتها للمشهد من جديد لكي تكون لاعباً فيه؟

وإذا كانوا يتحدثون عن دمجها في الجيش، هل سيكون ذلك مقبولاً ومعقولاً بعد كل الذي جرى، وبعد كل الدماء التي سالت؟ وهل يمكن أن تعود الثقة بين الطرفين؟ هذه ميليشيا قبلية لا عقيدة عسكرية لها، ولا تعرف سوى القتل والنهب، ولا تدين بولاء إلا لقيادتها.

وماذا سيعني الدمج الآن، هل يعني العفو عن هذه الميليشيا وقياداتها والتجاوز عن كل ما ارتكبته في الخرطوم ودارفور؟

الناس يرون قوات الدعم السريع ترتكب كل هذه التجاوزات والانتهاكات، بينما الجيش يقاتل لطردهم ويشترط في المفاوضات إخلاء بيوت المواطنين والمرافق العامة والخدمية. الجيش لا يتعرض للمواطنين. فكيف يستقيم إذاً أن نساوي بين الطرفين؟

محاولة البعض من المحسوبين على «قحت» تصوير الجيش وكأنه هو الطرف الذي يقتل الناس بالرصاص في الشوارع، ويقصف مساكنهم عمداً لتهجيرهم منها، هو قلب للحقائق، ومحاولة بائسة واضحة لتجريمه و«غسل» صحيفة «الدعم السريع» الملوثة بمختلف الانتهاكات والفظائع التي يشهد عليها القاصي والداني.

عداء الكيزان ليس مشروعاً سياسياً قائماً بذاته لبناء وطن، ولتبرير كل شيء، وهو بالتأكيد لا يبرر موالاة قوات الدعم السريع والوقوف ضد جيش البلاد في هذه الظروف.

قرأت، أول من أمس، موقفاً للقيادي بقوى الحرية والتغيير (قحت) ياسر عرمان، بمناسبة الاتصالات الجارية لتنظيم حوار وطني سوداني يفترض أن يعقد هذا الشهر في أديس أبابا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، يقول إنه لا يجب مكافأة حزب المؤتمر الوطني المنحل وواجهاته في المفاوضات لدورهم في الحرب. ومع اقتناعي بأن الشعب قال كلمته في تنحية «المؤتمر الوطني» في ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، واقتناعي أيضاً بأن الظروف تستدعي اليوم إشراك القوى الإسلامية التي خرجت على النظام السابق وقامت بمراجعة موقفها من سجل حكمه، في المساعي لتحقيق توافق وطني عريض للخروج من هذه المحنة، فإن السؤال الذي تبادر إلى الذهن وأنا أقرأ مقال عرمان هو: «هل نكافئ الدعم السريع وهو الذي دمر الخرطوم وارتكب أبشع الانتهاكات في الخرطوم ودارفور؟».

فإذا كنا نطلب عزل «المؤتمر الوطني» لدوره في الحرب، فكيف لا ندعو لعزل قوات الدعم السريع وهي التي تحارب وتقتل وتدمر وتحتل بيوت المواطنين والمرافق الخدمية؟

مكافأة قوات الدعم السريع بالتجاوز عن كل ما ارتكبته من انتهاكات وفظائع، وما أحدثته من دمار، وإعادتها إلى المشهد من جديد بوصفها طرفاً فاعلاً، ستكون مراهنة حمقاء عواقبها وخيمة وستشجعها وستشجع حركات مسلحة أخرى على محاولة «احتلال» الخرطوم مجدداً بشكل أو بآخر.

ومثلما نقول إنه لا يمكن مكافأة قوات الدعم السريع وقيادتها على ما ارتكبته في حق البلد وشعبه، فإنه لا يمكن أيضاً مكافأة أي طرف تسبب في إشعال هذه الحرب التي سيدفع السودان ثمنها الباهظ لسنوات طويلة مقبلة.

لا أعتقد أن أي إنسان عاقل يرفض وقف الحرب، لكن هذا ينبغي أن يحدث وفق معايير تضمن الأمن والاستقرار للسودان، لا صفقات ومناورات تؤدي إلى التفريط فيه، وتحمل في طياتها استمرار عدم الاستقرار واحتمالات حروب مستقبلية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحسابات الخاطئة في حرب السودان الحسابات الخاطئة في حرب السودان



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:38 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
المغرب اليوم - وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل

GMT 01:44 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"جونستون أند مارفي" أهم ماركات الأحذية الرجالية الفريدة

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib