بقلم - زاهي حواس
مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تشهد نهضة عظيمة في المجالات كافة، وليس المجال الأثري باستثناء تلك النهضة التي لم تظهر آثارها فقط في حقل الاكتشافات الأثرية، أو في مجال الترميم وتأهيل المناطق الأثرية والتراثية، بل وفي مجال تسجيل وتوثيق الآثار وضمها إلى السجل الوطني للتراث الأثري للمملكة، وذلك وفق خطة علمية متكاملة لهيئة التراث بالمملكة العربية السعودية.
وقد أعلنت الهيئة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تسجيل وتوثيق 59 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار ليصبح عدد المواقع الأثرية المسجلة 8847 موقعاً أثرياً في مختلف مناطق المملكة. وتمثل في مجملها إرثاً وطنياً يعكس الثراء التاريخي، الذي يعود إلى آلاف السنوات بالمملكة العربية السعودية.
ومن خلال البيانات المسجلة نجد أن منطقة تبوك قد حظيت بالنصيب الأكبر من المواقع الأثرية المسجلة؛ حيث تم تسجيل 22 موقعاً جديداً بتبوك، تليها منطقة الحوف، وقد سجل بها 14 موقعاً جديداً، ثم منطقة جازان، وفيها تم تسجيل ستة مواقع أثرية، تليها منطقة حائل بخمسة مواقع جديدة، ثم عسير والمدينة المنورة، وفي كل منهما تم تسجيل أربعة مواقع أثرية، وفي مكة المكرمة تم تسجيل ثلاثة مواقع أثرية، وأخيراً تم تسجيل موقع واحد في منطقة القصيم.
هذا التسجيل لهذا العدد الكبير من المواقع الأثرية هو ثمرة جهود هيئة التراث في اكتشاف المواقع الأثرية والتاريخية بالمملكة، وتسجيلها بشكل رسمي في السجل الوطني للآثار كخطوة هامة للحفاظ عليها وإضافتها إلى ما تملكه المملكة من كنوز ثقافية. وقد تم اكتشاف المواقع الجديدة المسجلة عن طريق المسح الأثري الذي يقوم به الأثريون والمهندسون والمسَّاحون بهيئة التراث، وتلي أعمال المسح الأثري مهمة تصوير المواقع وعمل وصف وتوثيق كامل لكل ما تحتويه المواقع الجديدة من آثار ظاهرة على سطح الأرض. وتأتي العملية المساحية، التي تتطلب إسقاط المواقع بحدودها على خرائط مساحية.
كل تلك المعلومات والوثائق تتم إضافتها إلى قاعدة بيانات مكانية لهذه المواقع وحفظ وتوثيق الأعمال التي تجري عليها وأرشفة وثائق وصور مواقع التراث بالمملكة. وهناك اتصال بين المواطنين في ربوع المملكة وهيئة التراث للمساعدة في الإبلاغ عن أي مواقع أثرية جديدة لفحصها ومسحها من قبل علماء الهيئة. إن تاريخ وآثار السعودية يشهدان حالياً مرحلة جديدة من الحفاظ والتسجيل.