بقلم - زاهي حواس
ما زلنا نتجول بين محتويات متحف عبد اللطيف جميل بموقع فيد الأثري وخاصة في القاعة الرابعة التي تتحدث عن النشاط الأثري المنظم في فيد، الذي بدأ عام 2006. حيث تم تشكيل فريق علمي قام بعدد من الزيارات الميدانية للموقع تم خلالها توثيق وتسجيل وإعداد الخرائط المساحية والأثرية، وكذلك المخططات لكامل الموقع الأثري الرئيسي بفيد، والمواقع المحيطة به. وقد تم عمل خرائط كنتورية وشبكية للمدينة السكنية، ومنطقة التلال والحصن، وما يعرف بـ«برك زبيدة»، التي تقع جنوب شرقي الحصن. وكذلك توثيق وتسجيل الرسوم الصخرية والنقوش والكتابات القديمة وأساسات المباني والدوائر الحجرية في محيط موقع فيد. وفور انتهاء أعمال التوثيق والتسجيل شرع الفريق في إجراء تنقيبات منتظمة في الموقع لعدة مواسم. أثمرت تلك الجهود عن اكتشافات رائعة أزالت الكثير من الغموض الذي كان يحيط بتاريخ الموقع، وأهميته الأثرية والتاريخية. وقد أظهرت الحفائر العلمية المنظمة معالم الموقع التي تعددت بين العمارة والصناعات المختلفة، ودلائل التبادل الحضاري والثقافي نتيجة للدور الذي لعبته المدينة بصفتها نقطة تلاقٍ وتفاعل بين ثقافات محلية ووافدة نتيجة مرور الحجاج بها في كل موسم حج.
وتعد العمارة في فيد أبرز العناصر الأثرية. وتوضح ما وصلت إليه المدينة من أهمية كبرى انعكست على عناصرها المعمارية، التي شملت منطقة سكنية تضم أكثر من مائة وحدة سكنية وتدل أيضاً كثرة الآبار والقنوات المائية على أن فيد كانت منطقة زراعية تنتج العديد من المحاصيل الزراعية. ومن أهم ما عثر عليه هو الفخار بأشكاله وأحجامه المختلفة والمصنوعات الزجاجية، وأخرى من الحجر الصابوني بزخارف متعددة، التي عادة تنفذ بطريقة الحز أو الحفر، ومن أبرزها نماذج لأوانٍ عليها زخارف هندسية متعددة بطريقة متقنة. وقد ظهرت أيضاً بالموقع المصنوعات المعدنية المختلفة من أهمها مجموعة من القطع النحاسية شملت آنية نحاسية وملعقة صغيرة، وأدوات متنوعة لخلط المساحيق بالإضافة إلى قطع جميلة من الصاج وفصوص من الخرز ومجموعة من العملات الإسلامية الذهبية ودراهم من الفضة. لقد كتبت تلك الاكتشافات الأثرية تاريخاً عريقاً لمنطقة فيد بحائل.