مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه
افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين بين منتخبيْ جزر القمر ومدغشقر محامي اللاعب حسين الشحات يكشف عن قرب إتمام الصلح النهائي بين موكله واللاعب المغربي محمد الشيبي زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر ماريانا غرب المحيط الهادئ وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إرتفاع عدد شهداء العدوان الاسرائيلي إلى 3516 شهيداً و14929 مصاباً قوات الاحتلال الإسرائيلي 10 فلسطينيين على الأقل من الضّفة الغربية بينهم شقيقان مقتل سيدة وإصابة 10 آخرون جراء سقوط صاروخ على منطقة بشمال إسرائيل الأونروا تعلن تعرض قافلة مؤلفة من 109 شاحنة مساعدات للنهب بعد دخولها إلى قطاع غزة وزارة الصحة الفلسطينية تكشف حصيلة الشهداء جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا
أخر الأخبار

مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه!

المغرب اليوم -

مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه

زاهي حواس
بقلم : زاهي حواس

تعلم الملك رمسيس الثانى الحكمة من أمه، والقوة من أبيه، الملك سيتى الأول. وقد قام بتصوير نفسه وهو لا يزال أميرًا يشارك أباه الحكم. وأشرف بنفسه على إقامة مقبرة أبيه بوادى الملوك، وهى المقبرة رقم ١٧ بالوادى، والتى تُعتبر أجمل مقابر ملوك الفراعنة على الإطلاق، بل لا نغالى إذا قلنا إن أفخم مقبرة ملكية أُعِدّت لملك من ملوك العالم القديم أو الحديث هى مقبرة الملك سيتى الأول بوادى الملوك. ومن أجمل آثار الملك رمسيس تماثيله الضخمة، التى أقامها فى معبد الإله بتاح بميت رهينة، ومن تلك التماثيل تمثاله الضخم، الذى نُقل من ميت رهينة إلى ميدان محطة مصر أمام محطة السكك الحديدية، وذلك فى سنة ١٩٥٤، ليقوم الأهالى بإطلاق اسم الملك على الميدان والمحطة نفسها، وتتوارى خلف اسم الملك أسماء أخرى للمحطة، منها باب الحديد وكوبرى الليمون وغيرهما. ولست من المتحمسين لتزيين الميادين بالتماثيل الأثرية، ولا أرى أى ضرورة لنقل القطع الأثرية من مواقعها الأصلية لوضعها بالميادين والطرقات بغرض الزينة!، وعلى العكس أنا دائمًا من المتحمسين لبقاء الآثار حيث خُطط لها قديمًا أن تبقى، وإن استعصى ذلك أو استحال فتُنقل إلى المتاحف للحفاظ عليها وعرضها عرضًا علميًّا يكشف عن تاريخها والغرض منها ووظيفتها، التى من أجلها صُنعت تلك الآثار فى العالم القديم.
لقد تعرض تمثال الملك رمسيس بمرور السنين إلى العديد من مظاهر التلوث سواء الناتجة من الضوضاء، أو من عوادم السيارات، أو من التشوه البصرى نتيجة الكبارى التى أصبحت تحيط بالتمثال. كذلك عانى تمثال رمسيس الاهتزازات نتيجة مرور مترو الأنفاق أسفله. وبذلك يكون الملك رمسيس أول ملك فى التاريخ يعانى تمثال له أو أثر كل عوامل الخطر سواء المحيطة به أو التى تعلوه أو التى تأتى من أسفله!، ولذلك قرر المجلس الأعلى للآثار فى ذلك الوقت نقل تمثال رمسيس، وجاءت موافقة اللجنة الدائمة للآثار على نقل التمثال كضرورة لإنقاذه قبل أن ينهار، ولكن لم يستطع للأسف أحد من المسؤولين عن الآثار فى ذلك الوقت وخلال عهد اثنين من أمناء المجلس الأعلى للآثار الذين سبقونى القيام بنقل التمثال خوفًا على مناصبهم فى حال تعرض التمثال للكسر أوالتدمير أثناء عملية النقل. والحقيقة أن التمثال يزن حوالى ٨٣ طنًّا، ونقله لا يمكن أن يكون سهلًا أو هيِّنًا، خاصة والتمثال منصوب ككتلة واحدة فى مكانه، كذلك فإن ظروف المنطقة المحيطة من شوارع وكبارى ومنشآت تجعل مسألة التفكير فى نقله مغامرة محفوفة بالمخاطر.

ولذلك فعندما توليت المسؤولية أمينًا عامًّا للمجلس الأعلى للآثار فى عام ٢٠٠٢ قمت بالاتصال بصديقى المهندس إبراهيم محلب، وطلبت منه أن تقوم شركة المقاولون العرب بعمل الدراسات اللازمة لنقل التمثال إلى موقع المتحف المصرى الكبير. وتواصل المهندس إبراهيم محلب مع الدكتور أحمد محمد حسين، من «هندسة عين شمس»، والذى قام بتصميم ووضع خطة نقل التمثال عبر شوارع وكبارى العاصمة، وتم عمل التجارب على نسخة مقلدة من التمثال، بعدها وضعنا تاريخ وموعد نقل التمثال. وأذكر أن الوزير الفنان فاروق حسنى بعد أن وثق فى كل إجراءات النقل، اتخذ قرار النقل بشجاعة، وهو يعلم تمامًا أن حدوث أى خطأ قد يكلفه منصبه، لكن الجميع كان يعمل فقط لمصلحة مصر وتراثها الأثرى. كنت واثقًا من نجاح عملية النقل لأننا اتبعنا الأسلوب العلمى الصحيح، وكلفنا الأشخاص القادرين على العمل والإبداع، بداية من سائق التريلّا إلى أكبر مهندس بالمشروع، والجميع كان يعرف تمامًا الدور المنوط به، وهذا هو أول أسباب النجاح، وهو أن يُسند الأمر إلى أهله.

قمت بعد ذلك بالاتصال بصديقى، الإعلامى المتميز عبداللطيف المناوى، للتنسيق معه على نقل هذا الحدث على الهواء مباشرة إلى كل مكان بالعالم. وفى تمام الساعة الواحدة ليلًا يوم ٢٦ أغسطس عام ٢٠٠٦، تحرك تمثال الملك من موضعه، وكانت النساء ممن احتشدن بالميدان يطلقن الزغاريد. وتم نقل التمثال بأمان حتى وصل فى السابعة صباحًا إلى ميدان الرماية، وكان فى استقباله الوزير فاروق حسنى ومحافظ الجيزة والصحفيون ووكالات الأنباء، وكان حقًّا أجمل استقبال يليق بملك فراعنة مصر القديمة رمسيس الثانى. وقد تم وضع التمثال على بُعد أمتار من جسم مبنى المتحف انتظارًا لبنائه. وبالفعل قام الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار السابق، بنقل التمثال فى يوم ٢٥ يناير عام ٢٠١٨ إلى بهو مدخل المتحف لكى يستقبل ملك فراعنة مصر- رمسيس الثانى- زائرى المتحف عند افتتاحه قريبًا، بعد أن شارف على الانتهاء، ليكون أعظم مشروع ثقافى فى القرن الواحد والعشرين.

لا تنتهى ذكرياتى مع نقل تمثال رمسيس الثانى، حيث حدث شىء كان بالنسبة لى أغرب من الخيال!. لقد فوجئت بأحد أمناء المجلس الأعلى للآثار السابقين لى- والذى تم فى فترة رئاسته للآثار أخذ الموافقات على نقل التمثال، وكان من المتحمسين والمنادين بضرورة نقل التمثال- فجأة، ودون سابق إنذار، ينقلب ويصبح أشرس المهاجمين لعملية النقل، بل إنه زعم أننا نقوم بنقل رمسيس من موضعه لإرضاء اليهود، بعد أن طردهم رمسيس الثانى من مصر!، وللأسف أيضًا انساق وراءه عدد من الصحفيين والكُتاب ممن يبحثون عن الإثارة والشهرة الزائفة. وقد نالنى منهم جميعًا هجوم تنوء الجبال بحمله، لكننى وكعادتى دائمًا أصل محطتى فى موعدى مثل القطار المنضبط، ولو أننى أخشى الهجوم والمشاكل ما كنت لأفعل كل ما فعلت من أجل مصلحة بلدى وآثاره.

أذكر أن بادرنى صحفى بالسؤال: هل تنقلون تمثال الملك رمسيس لإرضاء اليهود؟، فقلت له: لا يوجد دليل واحد على أن رمسيس الثانى هو فرعون الخروج، ولكن دعْنى أفترض جدلًا أنه هو مَن عذب اليهود، أليس وجوده فى ميدان رمسيس ليل نهار هو العذاب بعينه؟!، أم أن نقله داخل المتحف المصرى الكبير فى قاعة عظيمة مكيفة ونظيفة هو العذاب والتحقير لهذا الملك العظيم؟!. تركت الصحفى وفمه مفتوح على مصراعيه لا يعرف كيف سيصيغ ما قلت، وكان يطمح فى نَيْل تصريح يزيد الأمر غموضًا وإثارة، بدلًا من دحض السخافات، التى تُقال بدافع الحقد تجاه النجاح وأصحابه.

والآن، وبعد أن تركت منصبى الحكومى، وتفرغت تمامًا لعملى الأثرى والعلمى، أجدنى مرة أخرى أقف وجهًا لوجه مع الملك رمسيس الثانى، وتلك المرة فى مقبرته، التى حيّرت العلماء والباحثين على مدى القرنين الماضيين، أى منذ نشأة علم المصريات، فعلى الرغم من أن رمسيس الثانى هو أكثر الملوك جلوسًا على عرش مصر ممن عُمِّروا وأنشأوا المقابر والمعابد والمسلات والمقاصير، فإن مقبرته بوادى الملوك لا تدل على تلك العظمة التى تعكسها باقى منشآته المعمارية، والحقيقة المؤسفة هى أن مقبرة رمسيس الثانى بوادى الملوك رقم ٧ كانت بالفعل أعظم مقبرة ملكية سواء من حيث الحجم أو التصميم الضخم المعقد أو جمال النقوش والألوان. وإذا كان الوضع هكذا، فالسؤال هو: ماذا حدث؟.

إن الذى حدث للمقبرة العظيمة لو كان حدث لأى مقبرة ملكية أخرى لأفناها من الوجود!، ففى البداية ظلت المقبرة مفتوحة مُباحة، بعد أن قام الملوك الكهنة فى الأسرة ٢١ بنقل مومياء الملك أولًا إلى مقبرة أبيه سيتى الأول، ثم نقلها بعد ذلك مع مومياء أبيه إلى خبيئة الدير البحرى. وفى تلك الأثناء كانت كل كنوز الملك العظيم قد نُهبت تمامًا، حتى توابيته الثمينة. وللأسف، بدلًا من أن تُغلق المقبرة، كباقى المقابر التى نُهبت قديمًا، ظلت مقبرة رمسيس الثانى مفتوحة مُباحة، حتى إن الرحالة والزائرين خلال العصر اليونانى الرومانى كانوا يتركون أسماءهم وتواريخ زياراتهم على جدران المقبرة. ولم تسلم المقبرة من فيضانات الأمطار والسيول بالوادى، والتى بدأت منذ عصور قديمة اقتحام المقبرة بكل عنف، فأغرقتها مرات ومرات، وألقت الفيضانات بما تحمله من رواسب ترابية وحجرية، حتى سدّت المقبرة وحجراتها الداخلية تمامًا بتلك الرواسب. وكان لتسرب المياه داخل المقبرة أثره فى خلخلة الطبقة الطفلية التى تحمل المقبرة والجبل المنحوتة فيه، وبالتالى تعرضت جدران وأسقف المقبرة للتصدع وباتت على شفا الانهيار.

كان هَمّ البعثات الأثرية السابقة هو فقط الوصول إلى الحجرات الداخلية للمقبرة أملًا فى الكشف عن أى كنوز باقية، لكن حجم التدمير بالمقبرة لم يشجع أى بعثة على القيام بعمل مشروع حقيقى للكشف عن المقبرة وإنقاذها. وفى العام الماضى قمت بتشكيل بعثة أثرية، برئاستى، يقودها الدكتور طارق العوضى، للقيام بأول مشروع حقيقى للكشف الكامل عن مقبرة الملك رمسيس الثانى، وذلك للمرة الأولى منذ أن غطتها رواسب ورديم الفيضانات. أما عن نتائج هذا الكشف المثير وما تم تحقيقه من اكتشافات مذهلة داخل مقبرة رمسيس الثانى، فنُفرد لها مقالًا خاصًّا قريبًا بإذن الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

إليك كيفية وضع المكياج الخفيف للمحجبات

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجوافة في تجنب التهابات المعدة

GMT 14:31 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

الفنانة المغربية سلمى رشيد وهيثم مفتاح يقفزان من السماء

GMT 00:44 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

شواطئ ساحرة حول العالم لعطلات الصيف

GMT 10:11 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

يحيط منزله بسور مصنوع من هواتف (آيفون)

GMT 11:07 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

ترسيم الحدود البحرية يعترض صفقة عسكرية بين المغرب وإسبانيا

GMT 12:15 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بدر هاري بعد نزال القرن أظهرت للعالم أنني مازلت الأقوى

GMT 16:08 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنزاجي يعلن تشكيل لاتسيو أمام يوفنتوس في السوبر

GMT 18:48 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ضابط شرطة يفارق الحياة في طريقه لصلاة الفجر في بني ملال

GMT 10:52 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الأسترالي يقول كلمته بعد اغتصاب وقتل فتاة عربية

GMT 21:52 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نورا أريسيان توقع "تقاليد الفقراء" في معرض الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib