بقلم : مشعل السديري
(أكل ومرعى وقلّة صنعة)، وما أكثر الذين تنطبق عليهم تلك المقولة، والإنسانة الوحيدة التي حسدتها على صنعتها - أي عملها - هي فتاة كورية ابتسم لها الحظ برحابة صدر، والتحقت بعمل (يسيل له اللعاب)، وتمنيت من أعماق قلبي لو أن ذلك العمل كان من نصيب رجل - على شرط أن أكون أنا ذلك الرجل -، ولكن بعيداً عن الأحلام والتمنّي، إليكم ذلك العمل (المشرّف والمتعب جداً) لـ(سون يوان) وعمرها فقط 35 عاماً، واستطاعت أن تجد عملاً مريحاً من داخل البيت ومن المطبخ بالتحديد، فهي تحصل على 9 آلاف دولار شهرياً، نظير عملها الغريب في تحضير الطعام والقيام بأكله أمام عدسة كاميرا الكومبيوتر الخاص بها في بث مباشر ويشاهدها آلاف الناس طوال 3 ساعات.
ومعظم متابعي هذه الفتاة على موقعها على كاميرا الويب هم من الناس الذين لا يستطيعون أكل الكثير من الطعام بسبب الريجيم أو نتيجة الأمراض، ولكن رؤية أشخاص يأكلون أمامهم يجلب لهم السعادة - يا بختها -، وعكسها تماماً فتاة هندية تعيسة اسمها (دهارا) في الـ25 من العمر، ولم تتذوق طعم الأكل (الصلب) في حياتها، ويقتصر نظامها الغذائي على السوائل، وتعاني من الـ(أشالاسيا)، وهي حالة صحية تمنع المريء من نقل الطعام إلى المعدة بسبب عدم فتح الصمام الذي يغلق باب المعدة، وبالوضع الطبيعي ترتخي هذه العضلة لتسمح للطعام بدخول المعدة عند البلع - وهذا ما لا تستطيعه.
وسيء الحظ أيضاً رجل يدعى (جينار بوليتشا)، يمتلك أغلى لسان في العالم، حيث تصل قيمة التأمين على لسانه (عشرة ملايين) يورو، ووظيفته (المرهقة) هي: أنه متذوق للقهوة ومحدد لمدى جودتها في (كوستا كافيه) في بريطانيا.
وإلى الآن هنا والخبر (عال العال)، المشكلة أن (جينار) أصيب إصابة قوية بوباء (كورونا)، مما أفقده حاسة الشم والتذوق نهائياً، واضطرت الشركة لأن تفسخ عقدها معه. صحيح أنه أخذ قيمة التأمين غير أنه فقد الوظيفة والاستمتاع بتذوق القهوة، - بيني وبينكم يا زينها من وظيفة - لا شغلة ولا مشغلة إلا أن (يضع رجلاً فوق رجل)، ويرشف فنجان القهوة وهو (آخر ألسطا).
وصدق (راكان بن حثلين) عندما قال: (ياما حلا الفنجال مع ساحة البال)، غير أن (جينار) وحظه المزفّت فقد (الفنجال وساحة البال) معاً حينما فقد لسانه صلاحيته، وقالت له الشركة: ورينا عرض أكتافك.
فعلاً (الدنيا حظوظ) فهي: إذا أقبلت باض الحمام على الوتد، وإذا أدبرت بال الحمار على الأسد (!!).