هذا مقال لا فضل لى فيه غير نقله للقارئ العزيز.. يُحكى أن سائحًا ذهب إلى المكسيك فامتدح الصيادين المحليين فى جودة أسماكهم، ثُمَّ سألهم:
كم تحتاجون من الوقت لاصطيادها؟ فأجابه الصيادون بصوتٍ واحد: ليس وقتًا طويلاً!
فسألهم: لماذا لا تقضون وقتًا أطول وتصطادون أكثر؟!
فأوضح الصيّادون أن صيدهم القليل يكفى حاجتهم وحاجة عوائلهم..
فسألهم: ولكن ماذا تفعلون فى بقية أوقاتكم؟
أجابوا: ننام إلى وقت متأخر..
نصطاد قليلًا..
نلعب مع أطفالنا..
ونأكل مع زوجاتنا..
وفى المَساء نزور أصدقاءنا..
نلهو ونضحك ونردد بعض الأهازيج!
قال السائح مقاطعًا: لدىَّ ماجستير فى إدارة الأعمال من جامعة هارفارد، وبإمكانى مساعدتكم!!
عليكم أن تبدأوا فى الصيد لفترات طويلة كل يوم.. ومن ثم تبيعوا السَّمك الإضافى بعائد أكبر
وتشتروا قارب صيد أكبر. سألوه: ثم ماذا؟!
أجاب: مع القارب الكبير والنقود الإضافية.. تستطيعون شراء قارب ثانٍ وثالث وهكذا، حتّى يصبح لديكم أسطول سفن صيد متكامل، وبدل أن تبيعوا صيدكم لوسيط ستتفاوضون مباشرة مع المصانع، وربما أيضًا ستفتحون مصنعًا خاصًا بكم، وسيكون بإمكانكم مغادرة هذه القرية وتنتقلون لمكسيكو العاصمة، أو لوس أنجلوس أو حتى نيويورك!، ومن هناك سيكون بإمكانكم مباشرة مشاريعكم العملاقة.
سأل الصَّيادون السائح: كم من الوقت سنحتاج لتحقيق هذا؟
أجاب: حوالى عشرين أو ربما خمسة وعشرين سنة..
فسألوه: وماذا بعد ذلك؟
أجاب مُبتسمًا: عندما تكبر تجارتكم سوف تقومون بالمضاربة فى الأسهم وتربحون الملايين..
سألوه فى دهشة: الملايين؟ حقًا؟ وماذا سنفعل بعد ذلك؟
أجاب: بعد ذلك يمكنكم أن تتقاعدوا وتعيشوا بهدوء فى قرية على الساحل، تنامون إلى وقت متأخر.. تلعبون مع أطفالكم.. وتأكلون مع زوجاتكم.. وتقضون الليالى فى الاستمتاع مع الأصدقاء.
أجاب الصيادون: مع كامل الاحترام والتقدير، ولكن هذا بالضبط ما نفعله الآن، إذًا ما هو المنطق الذى من أجله نضيع خمسة وعشرين عامًا نقضيها شقاءً؟
همسة..
كثير منا يستنزف طاقته وكل قواه.. ويهمل أهله وعائلته وصحته.. بل يزهد حتى فى أمر آخرته التى هى حياة البقاء.. لأجل ترف زائل!.