بقلم : محمد أمين
عشت فرحة حصاد البطاطس، وتابعت تقريرًا عن موسم حصاد البطاطس، أو العروة المُحيِّرة من البطاطس، وشاهدت فرحة الفلاحين، الذين قالوا إن المحصول مبشر جدًّا هذا العام، خاصة أنهم زرعوا المحصول بين الشتاء والصيف فى مدة لا تقل عن 120 يومًا، ما سبّب لهم سعادة غامرة، ولى شخصيًّا كواحد من الفلاحين، الذين سعدوا بزراعة القطن والطماطم فى وقت من الأوقات، وكانت فرحة الحصاد تعلو على أى فرحة، خصوصًا أنها ترتبط بالأفراح بين أبناء القرية، وتحقق فرحة لهم جميعًا!.
كنا نستيقظ مع بشائر الفجر، ونقوم بالحصاد، والعراجين لينة مرنة، (لا تخربش، ولا تمسك فى ثياب الحاصدين).. كان ذلك فى موسم جنى القطن.. وكنا نشعر بفرحة لأنه موسم الذهب الأبيض، وكانت العائلات ترتبط فى هذا الموسم بحفلات زواج للأبناء والبنات!.
الآن، أظن أن موسم حصاد البطاطس يشبه ذلك الموسم الذى تربينا عليه، وكنا نحتفل به، وكان أيضًا موسم الذهب الأصفر، حيث يتم شراء الشبكة لكل عروسين أو تجهيز البنات الصغيرات استعدادًا للزواج، وقد تغيرت المواسم، وأصبحنا نشعر تجاه البطاطس بإكبار، ونحتفل بها، وكانت عزيزة فى الشهور والسنوات الأخيرة، حتى أصبحت موضوعًا فى وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين، بعد أن كانت البطاطس طعام الفقير، وكان كل بيت يحتفظ لنفسه بجوال بطاطس يستخدمها مطبوخة أو مقلية أو مسلوقة أو صينية!.
وكنا يوم الخبيز ننتظر صينية البطاطس مع صينية الأرز المعمر، وبعضها يكون مشويًّا مع بعض البصل المشوى، ونحمد الله، وننام سعداء.. هذه الأشياء البسيطة كانت فى تراثنا وذكرياتنا، حتى أصبح الكيلو الآن بثمن جوال بطاطس فى زمن الخبيز الجميل، ولم نعد نشوى البطاطس والبصل، ولم نعد نعمل صينية البطاطس ولا الأرز المعمر!.
ولكل ما ذكرته، كانت فرحتى مضاعفة حين شاهدت موسم حصاد البطاطس وفرحة الفلاحين، واستبشرت خيرًا بعودة طقوس زمن والدتى، وهى تدس صينية البطاطس فى الفرن، فتخرج تنادى الآكلين، فنتحلق حولها، ونأكل حتى نشبع، ونُحلى بصينية الأرز المعمر بالزبدة والقشطة، وأفضل مَن كان يكتب عن هذه الطقوس الأستاذ عباس الطرابيلى، الكاتب الكبير الراحل، الذى كان يحكى هذه الوقائع، ونشعر بالجوع، حتى يسيل لعابنا من طريقة حكايته!.
هذه الصور لم تُنْسِنى الكلام عن البطاطس، فالعروة الشتوية تُعد من أفضل الزراعات فى العروات الثلاث لمحصول البطاطس، فمحصول البطاطس تتم زراعته خلال العام ثلاث مرات، وهى العروة الشتوية، وهى الأقل فى الإنتاج، والعروة المُحيِّرة، وهى متوسطة الإنتاج، أما العروة الصيفية فتُعد الأعلى فى الإنتاج، ويحقق الفدان إنتاجًا ما بين 20 و22 طنًّا!.
ومعناه أن سعر البطاطس بدأ يأخذ فى الانخفاض ليرتاح المواطن، فهو ليس مرتبطًا بالدولار، ولكنه من طينة هذه الأرض، ولو وفرت له الدولة الشتلات والأسمدة فسيكفى احتياجاتنا، وعلى ما يبدو أن ذلك قد حدث، فقال أحد التجار إنه يُعد خيرًا كبيرًا للفلاح والمواطن أيضًا!.