بقلم : محمد أمين
أولًا أعتذر عن غيابى طوال الأيام الماضية.. ولكنه كان بسبب أداء العمرة.. أحيانا يحتاج الإنسان إلى دش معنوى ليبدأ من جديد.. الحياة تحتاج إلى تجديد، والإيمان يحتاج إلى تجديد.. ومن المهم أن تتجدد من وقت لآخر وتتخلص من مشاغل الحياة اليومية؛ باللجوء إلى الله، فتذهب إلى الحبيب وتجلس في حضرة النبى، وتنسى كل شىء من متطلبات الحياة!.
فقد كنت أشعر بثقل الأيام وكثرة المشاغل الدنيوية، وهبوط المعنويات، وتمنيت أن أخرج إلى عالم أنسى فيه كل شىء من السياسة ومشاكلها.. كنت أفكر في رحلة إلى أي مكان أغير فيها المكان والزمان والأشخاص.. وكانت العمرة، أجمل رحلة، عندما تشعر بالارتباك أو الاختناق.. إنها دعوة من الله لا تبحث عنها ولكنها تبحث عنك.. رحلة في صحبة الحبيب.. أقبلت عليه كطفل صغير.. أهمس إليه وأحدثه في كل شىء.. ما جرى للمسلمين في العالم.. كان يسمع وكأنه سبقنى إليه بها من يشكو ضيق الحياة وتقلبات الزمن.. وشعرت أنه يأخذنى بحنان ويقول: اصبر هناك فرج.. واستأذنت لأمضى فإذا كل المشاكل تتبخر؛ وكأنه مسحها بيده الشريفة.. فزالت ورجعت خفيفا مقبلا على الحياة!.
قلت لو أن الدولة تيسر للناس الحج والعمرة لاستراح الناس واستراحت الدولة.. قاطعت نفسى قائلا: يا سيدى انس بقى؛ هل تعود من جديد إلى كلمة لو؟.. كبر دماغك متمثلا بمقولة الرئيس الأسبق حسنى مبارك!.
كنت أحاول أن أنسى كل شىء، وأن أتذكر شيئا واحدا وهو أن الصبر جميل والفرج قريب.. أصبحت أؤمن بنظرية التجاهل أكثر، حتى أعيش أفضل.. لا أريد شيئا.. واختبرت نفسى اختبارا قاسيًا.. أن أعيش على التمر واللبن والماء!.
فجأة وجدت نفسى خفيفًا كشاب ثلاثينى.. وبالصدفة قابلت أربعة رجال ريفيين أسمعهم يتكلمون مع بعضهم.. ثلاثة منهم في الخمسينيات والرابع سبعينى.. كانوا يتندرون عليه أنه لا يستطيع، ففوجئ الثلاثة أنه يمرق من بينهم كالسهم حتى سبقهم جميعًا وانتصر عليهم.. إنها القوة الروحية والمعنوية التي دبت في جسده، فسبقهم جميعًا إلى الحرم!.
لم أعد أقول لو أن الحكومة فعلت كذا وكذا.. أحاول أن أحافظ على عمرتى.. لأننى لو تركت نفسى لهذا الشعور، سوف أحتاج إلى عمرة أخرى!.
تجربة العمرة تجربة روحية رائعة.. والجلوس في حضرة النبى يجعلك في قمة الهدوء والسكينة في مواجهة الحياة.. ولكننا بهذه الطريقة نحتاج إلى عمرة يومية.. فالبطون الخاوية لا تعرف الصبر!.