بقلم - أمينة خيري
رمضان والفوازير، والفوازير ورمضان، والكلمتان متلاصقتان، وتعيدان استحضار جزء طريف مفيد من زمن فات. الفوازير كانت سمة رمضان زمان. ولا أظن أن كثيرين من أبناء الأجيال الأصغر سنا سيعون المقصود بالفوازير، وارتباطها برمضان، والأصوات التي تعلو في البيوت بينما أفرادها يحلون الفزورة بدون الاستعانة بـ«جوجل»، وربما من يتكبد عناء جمع الـ30 إجابة في ورقة على مدار الشهر الكريم، ثم يتم إرسالها بالبريد الورقى للدخول في السحب في نهاية الشهر على الجوائز الممنوحة.قبل أيام، حين سألنى أحد الأصدقاء من غير العرب عن أبرز المهن والحرف في مصر، تذكرت فوازير رمضان زمان. البعض منها كان يطرح سؤالا في كل حلقة مصحوبا ببعض المعلومات للمساعدة على الوصول للإجابة عن مهنة أو حرفة تحتاج فنا ومعرفة وخبرة.
من صانع الطرابيش إلى الحلى إلى الخيامية والصدف والفخار والجلود والخوص والسجاد والنحاس وحتى بردعة الحصان، وغيرها الكثير من الحرف اليدوية التي كان يورثها الجد للابن ومنه للحفيد، أو الأسطى للصبى، وهلم جرا. المؤكد أن هذه الحرف تنتج قطعا فنية يقبل عليها الأجانب أكثر من المصريين.
والمؤكد أنها، أو البعض منها، على الأقل، مازال موجودا، رغم أن الظروف والأحوال والميكنة والاستيراد من الصين لقطع مستنسخة صنعتها الماكينات بالملايين ولم تصنعها أيدى البشر وعقولهم وقلوبهم.
ترى لو عادت الفوازير، ودارت حول حرف العقد الثالث من الألفية الثالثة ومهنها الأكثر انتشارا في المجتمع، فما هي هذه الحرف التي تتطلب تعليما وتدريبا وإصرارا وعزيمة حتى تبقى الحرفة حية ترزق تورث من جيل إلى جيل، وربما يضيف إليها الجيل الجديد بعضا من رؤاها الحديثة وقدراته المعاصرة فتنمو الحرفة وتكبر وتتوسع ولا تختفى أو تنقرض أو تسلم للميكنة.
هل ستكون مهمة تخصيص 30 حلقة لحرف فنية أو يدوية مصرية معاصرة أمرا سهلا؟، إذا كانت الإجابة نعم، فما هي أبرز المهن التي ترد إلى ذهنك عزيزى القارئ والتى يقبل على العمل بها الشباب؟ مع كامل احترامى لكل المهن.
ومع كل فهمى ووعيى بأن كل مهنة وحرفة تخدم قطاعا من الناس، ولا يمكن الاستغناء عنها أو الاستعلاء عليها، لكن ما هي المهن والحرف الرائجة اليوم؟ سائق توك توك، سمسار عقارات، مندوب دليفرى، سمسار سيارات مستعملة، موظف كول سنتر، سمسار أثاث مستعمل، سايس، فرد أمن، سمسار سيارات، بائع متجول، سمسار موبايلات، سائق ميكروباص، سائق أوبر وكريم، والقائمة طويلة ومهمة وحيوية.
لكن ماذا عن المهن والحرف التي تحتاج فنا وصنعة وحنكة؟ بالطبع ليس المطلوب أن يعمل الجميع في الحرف اليدوية أو المجالات الحرفية، لكن ليس المطلوب أيضا أن يعمل الجميع في السمسمرة وقيادة مركبات الأجرة وتوقيف السيارات وحراسة العمارات. هناك قطاع من المهن والحرف يتعلق بالهوية معرض للانقراض وجار مسحه بأستيكة «التوك توك» وشركاه.