عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»
افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين بين منتخبيْ جزر القمر ومدغشقر محامي اللاعب حسين الشحات يكشف عن قرب إتمام الصلح النهائي بين موكله واللاعب المغربي محمد الشيبي زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر ماريانا غرب المحيط الهادئ وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إرتفاع عدد شهداء العدوان الاسرائيلي إلى 3516 شهيداً و14929 مصاباً قوات الاحتلال الإسرائيلي 10 فلسطينيين على الأقل من الضّفة الغربية بينهم شقيقان مقتل سيدة وإصابة 10 آخرون جراء سقوط صاروخ على منطقة بشمال إسرائيل الأونروا تعلن تعرض قافلة مؤلفة من 109 شاحنة مساعدات للنهب بعد دخولها إلى قطاع غزة وزارة الصحة الفلسطينية تكشف حصيلة الشهداء جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا
أخر الأخبار

عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»

المغرب اليوم -

عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»

عريب الرنتاوي

بذريعة أنها «غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»، يجري اقتراف كافة الموبقات بحق «المختلف» أو «المختلفين» في الرأي والمذهب والاعتقاد والسلوك... وخلف هذه العبارة المطاطة والمبهمة، تجري أبشع محاولات فرض أنماط ثقافية وحياتية متشددة، مشتقة من قراءات متشددة للدين غالباً، يجري التعامل معها، بوصفها جزءاً أصيلاً من «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة». 
والحقيقة أنني لا أعرف ما الذي يقصده هؤلاء بحكاية العادات والتقاليد المتوارثة، وأين تقع «نقطة الانطلاق» عند توصيف هذه العادات والتقاليد وتصنيفها بين ما هو وافد وغريب وما هو متوارث وأصيل ... وهل يُراد لنا مثلاً أن «نثّبت ساعة الزمن والتأريخ» عند مائة أو خمسمائة أو ألف سنة خلت؟ ... وما الذي بقي من عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة من تلك الأزمنة الغابرة؟ ... ولماذا الانتقائية في اختيار ما هو «مناسب» من هذا الموروث، ورفض كل ما لا يناسبنا ولا ينسجم مع زمننا الراهن، وأية ازدواجية هذه التي تتحكم بالموروث وتصنيفاته، ومن الذي يقرر الصالح والطالح من هذا الموروث؟
في الأخبار، أن حركة حماس منعت أية مظاهر احتفالية برأس السنة الجديدة في قطاع غزة، أما «الذريعة» المستخدمة، فتتلخص في حكاية «عاداتنا وتقاليدنا»، والتي يراد بها إخفاء الدوافع الحقيقية «الإيديولوجية» للقرار، الصادرة عن قراءة سلفية متشددة للدين، و»المُتطلية» بحكاية الموروث والأخلاق والعادات والتقاليد. 
وفي الأخبار، أن ثمة ما يشبه «الحملة المكارثية» ضد الأردنية نداء شرارة، الفنانة المحجبة، التي تفوقت في برنامج «الصوت»، والسبب يتصل بحجابها من جهة وبأصلها ومنبتها من جهة ثانية ... والذريعة التي تنطلي خلفها الحملة، تستند إلى «العادات والتقاليد المتوارثة»، مع أننا لم نر شيئاً مماثلاً في مناسبات سابقة، لكأنه مسموح لغير المحجبة أن تشارك في برامج كهذه، ومحظور على المحجبة، أن تتقدم في عالم الغناء، بل أن هذا العالم برمته محظور علينا بحكم هذه المقاربات المتطرفة، مع أن فنوناً كالموسيقى والرقص والغناء، شهدت انتعاشاً وازدهاراً في عصور السلاطين والخلفاء، ولم يخل قصر من قصور هؤلاء من الراقصات والعازفات والمغنيات والجواري والقيان، والتاريخ حافل بمئات القصص الدالة على ذلك.... أليس ذلك كله، جزءاً من موروثنا وعاداتنا وتقاليدنا؟ 
ما الذي نفعله هذه الأيام، ويبدو منسجماً مع ما كان آباؤنا وأجدادنا يفعلونه قبل مائة أو مائتي عام ... وهل يمكن لهذا الموروث أن يحافظ على وجوده مع ثورة الصناعة والاتصالات والمواصلات، أليست السلع ثقافة وأنماط حياة، تؤسس لعادات وتقاليد غير متطابقة مع موروثنا وعاداتنا ... 
هل نحتفل هذه الأيام بعيد الفطر والأضحى، كما احتفى بهما أباؤنا وأجدادنا، خصوصاً في زمن «شظف العيش» المديد والمرير في أواخر عهد السلطنة العثمانية، أو في زمن البداوة المترحلة ... لما لا تصدر الفتاوى بتحريم «الكعك بالجوز والقشطة» والاكتفاء بمشتقات التمور كما خبرها الأقدمون؟ 
الطريف أن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة» لا تُستحضر إلا في حالات محددة ... منها حين نحتفي بالأعياد غير الإسلامية، والتي باتت تكتسب صفة إنسانية عالمية رمزية، وتتحول إلى مناسبة للفرح والابتهاج، لكأن أصحاب بعض المدارس العقائدية، ، لا يريدون أن يروا العالم إلا من خرم إبرتهم»، وهم بعد أن كفّروا العالم بأديانه وحضاراته وثقافته جميعها، يكفّرون ثلاثة أرباع المسلمين المختلفين في المذهب أو الاجتهاد أو القراءة، هؤلاء يجدون أحسن الذرائع في حكاية «العادات والتقاليد». 
ومن هذه الحالات أيضاً، أن «القوم» يجتاحهم قلق عميق من مظاهر الفرح والبهجة، ويريدون حظرها بالقوة إن أمكن لهم، وعلى الجميع ... يغلقون الشواطئ ويمنعون الاحتفالات الوطنية والإنسانية، ويعتمدون سياسة «ترهيب» الناس بدل «ترغيبهم» بالدين الحنيف ... هؤلاء صبغت «الرايات السوداء» حياتهم وعقولهم وأرواحهم، فامتنع عليهم، رؤية ألوان قوس قزح... يطاردون رياض الأطفال لمنع الاختلاط فيها، ولا يفوتون مهرجاناً فنياً أو ثقافياً إلا وكفروا القائمين عليه، ولو أتيح لهم، لشكلوا كتائب مسلحة من «الشرطة الدينية» وألوية من «العضاضات» اللواتي يتجولن في شوارع الرقة والموصل، لرصد كل مخالفة للعادات والتقاليد المتوارثة في لباس النساء، ثم لا يتورعن عن توجيه أشد «العضّات» للمرأة المخالفة. 
العادات والتقاليد، مثلها مثل الكائن الحيّ، تخلق وتشب وتشيب وتموت وتندثر، لتأتي بعدها أنساق ثقافية واجتماعية وتربوية جديدة، مواكبة لروح العصر،ونحن منخرطون في هذه الصيرورة التاريخية، شئنا أم أبينا ... ومن يريد أن يرجع بنا ألف عام أو أكثر إلى الوراء، عليه أن يبادر هو ذاته، بتقمص عادات وتقاليد تلك العصور، لنرى ما إن كان قد جعل من نفسه أضحوكة أم لا. 
ثم من قال أن «عاداتنا وتقاليدنا» القديمة أفضل من عاداتنا وتقاليدنا الحديثة، ومن أعطى الأجيال التي سبقتها صلاحية تقرير أنماط حياتنا، ومن قال أنهم الأكفأ والأصوب والأقدر على تقرير ما هو غث وما هو سمين، من أجيالنا التي قدر لها أن تتعلم وتتثاقف وتوسع مداركها؟ ... ولما ننظر لأنفسنا بأننا «دون» من سبقونا، وليس من حقنا أن نضيف ونبتكر ونلغي ونعدّل ما جاء به الأقدمون؟ ... ولماذا نفترض أن ما نفعله اليوم، يتحتم على الأجيال من بعدنا، أن تتقيد به بوصفه جزءاً من «عاداتها وتقاليدها المتوارثة عنا»؟ ... جدل «العادات والتقاليد المتوراثة»، جدل بيزنطي، يُستخدم للتورية والتمويه على مواقف اجتماعية محافظة ومتخلفة، أو قراءات متشددة للدين مثقلة بأجندات سياسية وحزبية وسلطوية، لا أكثر ولا أقل. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة» عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»



GMT 19:55 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 19:53 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 19:51 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 19:49 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 19:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 19:44 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 19:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 19:41 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أين الجبرتى الجديد؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

إليك كيفية وضع المكياج الخفيف للمحجبات

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجوافة في تجنب التهابات المعدة

GMT 14:31 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

الفنانة المغربية سلمى رشيد وهيثم مفتاح يقفزان من السماء

GMT 00:44 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

شواطئ ساحرة حول العالم لعطلات الصيف

GMT 10:11 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

يحيط منزله بسور مصنوع من هواتف (آيفون)

GMT 11:07 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

ترسيم الحدود البحرية يعترض صفقة عسكرية بين المغرب وإسبانيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib