بقلم : عريب الرنتاوي
ثلاثة أصهار يلعبون أدوراً رئيسة في ثلاثة بلدان، وصادف أنها دول «ديمقراطية»، يأتي الرئيس إليها بالانتخاب وعبر صناديق الاقتراع ... في اثنتين منها: الولايات المتحدة وتركيا، للرئيس أبناء ذكور، لكن الإصهار يلعبون أدواراً تفوق أدوار الأبناء، يبدو أن محبتهم متدفقة من محبة الآباء لبناتهم ... أما البلد الثالث، لبنان، فليس للرئيس أبناء ذكور، فحل الصهر محل الابن، في موقع «الذراع الأيمن» و»الوريث» الشرعي الوحيد، مع أن للرئيس صهراً آخر.
أشهر الأصهار الثلاثة، جاريد كوشنير، الشاب اليافع، زوج «حسناء آل ترامب»، يتولى أهم ملفات السياسة الخارجية الأمريكية، ويحلّ محل هنري كيسنجر وجيمس بيكر وغيرهما من كبار رجال الخارجية الأمريكية، وبقدرة قادرة ... لا شيء في سجله الشخصي مثير للاهتمام باستثناء أنه زوج إيفانكا ترامب ... تسبب توليه لملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، في نشر فوضى شاملة، هيهات أن تخرج المنطقة برمتها من تأثيراتها السلبية المدوية، لسنوات قادمة، هذا إن خرجت ... رجل أعمال، لطالما جرى تداول اسمه في صفقات مريبة وعلاقات مثيرة للشك مع أباطرة المال والسياسة في إسرائيل وجماعات الضغط ودول الخليج العربي ... تهم الفساد تحوم من فوقه، دون أن تدرجه في مسار تحقيقي، ينتهي بثواب أو عقاب ... لديه حصانة مشتقة من حصانة الرئيس وعائلته، ولديه نوافذ إلى عقل الرئيس وقلبه، قبل عينيه وأذنيه ... طفل البيت الأبيض المدلل، يقرر مصائر شعب فلسطين، أو هكذا يَظن ويُظن.
الصهر الشهير الثاني، هو بيرات ألبيرق، زوج ابنة الرئيس التركي، ووزير ماليته، تنقل في عالم السياسة والأعمال بسرعة خارقة، احتل موقعاً في البرلمان على قائمة «العدالة والتنمية»، ومع انتقال تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي المطلق، تولى منصب وزير المالية والخزانة ... يقال أنه مسؤول مسؤولية كبيرة، حتى لا نقول تامة، عن الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة التركية، فهو عديم الخبرة في هذا الحقل، وأهم ما في سجله الشخصي، أنه زوج ابنة الرئيس، وأنه «رجع صدى» له، لديه «حساسية» من البنك المركزي ورفع أسعار الفائدة، لا يرغب في دور للأول، ولا ينوي، تأسيّاً بخطى «حماه»، رفع الثانية لاستنقاذ العملة الوطنية.
بخلاف كوشنير الولايات المتحدة، الذي لا يعرق ولا يتعرق، بدا «كوشنير تركيا» متعرقاً جداً في المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس كوزير للمالية والخزانة، عندما سُئل عن خطط لوقف انهيار الليرة التركية ... ليست لدى الرجل أدنى فكرة عمّا يتعين فعله، ولم يكن يتوقع في أسوأ كوابيسه، أن تفقد الليرة في ليلة واحدة، عشرين بالمائة من قيمتها السوقية، وهو الذي لم يستقر بعد على عرش المال والخزانة في أنقرة.
الصهر الأعتق، هو جبران باسيل، صهر الجنرال ميشيل عون، وخليفته في زعامة التيار الوطني الحر ... رجل قفز إلى عالم السياسة، واستتباعاً المال والنفوذ، تحت ظلال «حماه»، وهو يحضر نفسه لوراثته في كل شيء تقريباً، مع أن التجربة القصيرة التي قضاها على رأس التيار الوطني الحر ووزارة الخارجية، تسببت للحزب ولبنان، بكثير من المشكلات والمعارك الجانبية ... لا يحسب حساب ما يصدر عنه من مواقف وتصريحات، توقعه باستمرار في أضيق الزوايا ... أخشى ما يخشاه الرجل، وجود منافسين له على زعامة المسيحيين اللبنانيين، بالأخص الموارنة، سواء من داخل تياره أو من خارجه ... وربما لهذا السبب بالذات، تتسمر عيناه باستمرار على «سيد معراب» الذي يبدو الأكثر تأهيلاً لوراثة عون والتيار، عندما تحين الساعة، فلا يستقدمون ولا يستأخرون.
شأن الصهرين الآخرين، تهم الفساد والإثراء غير المشروع، تحوم فوق رأس «صهر العهد»، لكن وكما في الحالتين التركيةوالأمريكية، فإن للصهر اللبناني حصانة رئاسية من جهة، وطائفية من جهة ثانية، فالفساد مقبول ومشروع في لبنان، طالما ظل موزعاً بعدالة بين زعماء الطوائف وأمراء الحرب.
الأصهار الثلاثة، لديهم «Baby Faces»، يجهدون في إخفاء ملامح وجوههم الطفولية بإطلاق العنان لذقونهم (باسيل)، أو تعبيراً عن التدين والورع (البيرق)، ولا ندري متى سيلتحق كوشنير بركب زميليه الملتحيين، وما إن كان مسموحاً له بفعل ذلك، سياسياً وعائلياً.